مستقلة الانتخاب: تسجيل 7 شكاوى عنف انتخابي 4 منها حولت للإدعاء العام
2024-09-09
“بزبط تترشحن بدون محرم” و “كلام نواعم” و”مكان المرأة بيتها”… تعليقات تعرضن لها مرشحات قررن خوض الانتخابات النيابية 2024.
وفي خضم الحملات الانتخابية التي تسبق يوم الاقتراع في العاشر من أيلول/سبتمبر 2024، والتنافس الذي يشتد في بعض الدوائر، يتعرض مرشحون لأفعال عنف انتخابي وتنمر، ما استدعى معالجتها في قانون الانتخاب لمجلس النواب.
وتمكنت الهيئة المستقلة للانتخاب من تسجيل 7 شكاوى عنف انتخابي، جرى تحويل 4 منها للادعاء العام، وفق مديرة وحدة تمكين المرأة في الهيئة سمر الطراونة التي أوضحت أن الشكاوى رُصدت عبر نظام (e-monitor) التابع للهيئة والذي يرصد أي عنف إلكتروني عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إضافة إلى شكاوى وردت للهيئة من مؤسسات المجتمع المدني، مشيرة إلى أن 3 سيدات تقدمن بشكاوى للهيئة قبل سحبها بعد فترة وجيزة.
يقول أستاذ القانون الدستوري ليث نصراوين، إن العنف الانتخابي يقصد به أي سلوك أو فعل بالإيجاب أو بالامتناع يقوم به الشخص من شأنه التأثير على سلامة العملية الانتخابية وإرادة الناخبين.
“كلام نواعم”
ضمن كتلة جميع أعضائها من النساء، تعرضن مرشحات في تلك الكتلة لتعليقات عبر منصات التواصل الاجتماعي، منها: “ما يقعدن بالدار أحسن” و “مكان المرأة بيتها” وتعليقات استهزائية مثل “بزبط تترشحن بدون محرم” و”كلام نواعم” وغيرها الكثير من التعليقات التي تندرج تحت مسمى التنمر الإلكتروني.
وتروي مرشحة للانتخابات ضمن “كتلة نسائية” طبيعة “التنمر الإلكتروني” الذي تعرضت له عبر منصات التواصل الاجتماعي عند عرض صور الكتلة التي تتضمن 7 نساء.
تتحدث المرشحة عن شعور مرشحات الكتلة بالإحباط بعد التعليقات، مما ثبط من عزيمتهن للحظات إلا أنهن تعاملن مع هذه التعليقات كدافع للتقدم والعمل على البرنامج الانتخابي، مشيرة لوجود تعليقات داعمة ومشجعة، ليقررن المضي قدما بدون الالتفات للإساءات وبدون التقدم بأي شكوى عنف انتخابي.
وعرفت الهيئة المستقلة للانتخاب العنف الانتخابي ضد المرأة بأنه “أي فعل أو امتناع عن فعل (مادي أو معنوي) يهدف إلى حرمان المرأة أو إعاقتها عن ممارسة أي حق أو حرية من الحقوق المنصوص عليها في قانون الانتخاب، ويكون ذلك على أساس النوع الاجتماعي”.
ولتحقق واقعة العنف الانتخابي ضد المرأة، تلخص الطراونة 3 عناصر يجب توافرها، وهي الدافع الذي يهدف التأثير على العملية الانتخابية أو نتائجها، وثانيا النوع الاجتماعي، عند ممارسة العنف الانتخابي ضد المرأة لأنها امرأة، وثالثا التأثير ويتضمن أنواعا عدة من العنف منها الجسدي، والمعنوي، والاقتصادي والإلكتروني.
“المسكوت عنه أكبر”
وتعد حالة هذه الكتلة من النساء مشابهة لحالات كثيرة لنساء لم يتقدمن بالشكوى لأسباب عدة، وفق المديرة التنفيذية لمركز قلعة الكرك إسراء محادين التي لفتت النظر إلى أن مركزها حول العديد من حالات العنف الانتخابي ضد المرأة للهيئة المستقلة للانتخاب لكن العدد الأكبر من السيدات لم يتقدمن بشكاوى لأسباب مختلفة وكثيرة.
“دائما المسكوت عنه أو غير المبلغ عنه أكبر وأكثر، لظروف أسرية أو عشائرية أو ثقافية أو الوصمة المجتمعية والكثير من الأسباب التي تجعل عدد الشكاوى أقل من حقيقة حجم حالات العنف الانتخابي”، بحسب محادين.
“زودوها معي”
وتواجه مرشحة للبرلمان في لواء الأغوار الجنوبية مجموعة من التعليقات على منصات التواصل الاجتماعي، بعد إدراج منشور لها مع صورتها، لكنها لم تتقدم بشكوى.
“صورتها لازم تكون أرتب من هيك والخبرات غير مقنعة”، و”هي صادقة بس مقارنة بالبرستيج هي مرشحة ضعيفة”، عدة أمثلة لتعليقات استهدفت المرشحة التي تقول: “تركوا كل مؤهلاتي وبلشوا بشكلي … وأنا مرشحة ولي حق دستوري وأريد أن أمارسه سواء كنت متعلمة أو لا … وفي ناس أميين ومترشحين للمجلس”.
تضيف المترشحة: “زودوها معي ما بعرف ليش … معقول لأني ست أو لأنني من مكان بسيط وطرحي بسيط”، وتقول إنها تأثرت بالتنمر “الذي أبكاني وأولادي بكوا معي وقعدنا كم يوم متوترين …”.
“لم أقدم أي نوع شكوى، وهناك تعليقات اعتذرت لي وتعاطفت معها … المحاكمة قصة وأنا منشغلة الآن بالترشح ولم أستطيع الذهاب للهيئة ولا أعرف إذا تستطيع الهيئة أن تأخذ حقي بدون التقدم بشكوى”، بحسب المترشحة.
عمل مركز قلعة الكرك على مفهوم “العنف الانتخابي ضد المرأة” أثناء فترة الانتخابات البرلمانية 2020، وأجرت كوادر المركز مسحا ميدانيا شاملا لكل محافظات المملكة تناول مرشحات سابقات وناخبات وسيدات عاملات بالعملية الانتخابية من لجان اقتراع وفرز، وفقا للمديرة التنفيذية للمركز إسراء محادين.
وذكرت مديرة وحدة تمكين المرأة في الهيئة، أن المصطلح كان موجودا من قبل لكن “كل جهة كانت ترصده كما تريد”، لكن مركز قلعة الكرك وضع له تعريفا وسار على أساسه، كما عملت اللجنة الوطنية لشؤون المرأة على العنف السياسي ضد المرأة آنذاك”.
واعتمد مركز قلعة الكرك للاستشارات والتدريب تعريف العنف الانتخابي ضد المرأة ذاته الذي أدلت به الهيئة المستقلة للانتخاب.
قانون الانتخاب والعنف الانتخابي
توضح الطراونة، أن العنف عندما يحدث وعند توفر أركانه يتحول إلى جريمة انتخابية ويصبح موجودا في القانون.
يشير نصراوين إلى توسع قانون الانتخاب الأخير في مفهوم العنف الانتخابي، بقوله: “تضمن العديد من النصوص القانونية تجريم العنف الانتخابي بأشكاله وصوره المختلفة”.
“قانون الانتخاب جرم العنف الانتخابي الذي يمارس من قبل أي شخص قد يؤثر على إرادة الناخبين وذلك في المادة 61″، وفق نصراوين، الذي أشار إلى أن المادة هذه تعالج محاولة العبث بصناديق الاقتراع أو بأوراق الاقتراع أو سرقة أي من الجداول أو أوراق الاقتراع أو القيام بأي عمل من شأنه المساس بسلامة الانتخاب وسريته.
كما يشمل العنف الانتخابي الموجه ضد الناخبين أي شخص يحاول منع شخص آخر من الدخول إلى مراكز الاقتراع أو التأثير على إرادة الناخبين بحملهم على انتخاب شخص معين دون غيره، بحسب نصراوين.
وتوسع قانون الانتخاب الأردني في مفهوم العنف الانتخابي ليشمل معاقبة الأشخاص الذين يشرفون على العملية الانتخابية في المادة 62 من قانون الانتخاب.
ويعالج قانون الانتخاب العنف الانتخابي بما يشمل الأشخاص الذين يخدمون في العملية الانتخابية، وفقنصراوين.
“عنف ضد الرجل؟”
وبشأن اقتران مصطلح العنف الانتخابي بالمرأة فقط، توضح محادين أن العنف الانتخابي “يمكن أن ينطبق على المرأة وعلى الرجل أيضا، إلا أن تأثيره على المرأة أكبر، فالهدف من ممارسته ضد المرأة هو إقصاؤها وإبقاؤها خارج نطاق العملية السياسية”.
وترى محادين أن الضغط على المرأة لإقصائها لا يتم بذات الشكل وذات السوية مع المرشحين الذكور، وأن العنف الانتخابي أو التنمر أو الإساءة أو الضغوط التي تمارس على المرأة تختلف تماما عن الضغوط التي تمارس على الرجل من ناحية القدرة على مواجهتها.
مصطلح “فضفاض”
تصف القانونية لين الخياط مصطلح العنف الانتخابي بـ “المصطلح الفضفاض”، لأنه لم يرد عليه نص في القانون، بالتالي فإن العنف يندرج تحت أي فعل يدخل ضمن عملية التأثير على حرية الناخب أو المرشح في التصويت أو الترشح.
وذلك يعني وفقا لخياط، بأن الأفعال “تبقى ضمن قانون الانتخاب، وفي حال استحال أي فعل من هذه الأفعال، لقانون العقوبات أن يحكمه ضمن أحكامه”.
“مفهوم التأثير كما أخذه القانون هو مفهوم واسع، أي أن التأثير على إرادة الشخص في الاقتراع يعد جريمة انتخابية، ومحاولة إكراه شخص على أن يعدل عن الترشح وأن يصوت لمرشح معين جريمة انتخابية تحتاج كغيرها من الجرائم للأركان الثلاثة، الفعل المادي، والقصد والنتيجة”، بحسب خياط.
أما المديرة التنفيذية لمركز قلعة الكرك بينت آسفةً أن مصطلح العنف الانتخابي لم يرد في القانون رغم كل الجهود التي بذلت لإدراج المصطلح في نص القانون، إلا أنه “ولأسباب مختلفة” لم يتم إدراجه.
“لكننا سعيدون بالاعتراف بتعريف العنف الانتخابي وإدراجه ضمن جرائم الانتخاب مؤخرا”، وفقا لمحادين.
الفرق بين الجريمة والعنف الانتخابي
وبشأن مصطلح العنف الانتخابي، يقول نصراوين: “يفترض أن يكون هناك تأثير أو قوة لاستخدامها في مواجهة الناخب، وتوجد بعض الصور الجرمية التي تؤثر على العملية الانتخابية بدون استخدام القوة مثل التأثير على إرادة الناخبين، ودفع الناخب للتصويت الى شخص معين دون الآخر، وهذه تعد مسلكيات تخل بالعملية الانتخابية بدون استخدام العنف”.
ويضيف ، أن “العنف دائما يرتبط بوجود تأثير قوة أو تسلط من شخص على آخر، وبالتالي الجرائم الانتخابية هي أكثر شمولية من العنف الانتخابي، وبعض الجرائم ترتكب عن طريق القول دون الحاجة لسلوك بدني أو جسماني”.
وتحدث نصراوين عن ضرورة “حصر جرائم انتخابية بمفهوم العنف الانتخابي”. (المملكة)