لا ينتظر الأسير الفلسطيني هشام أبو هواش ألقاباً تمجد دوره البطولي في معركة أمعائه الخاوية التي دخلت يومها الـ140، ولا ينتظر أيضاً تصدر اسمه على صفحات المواقع التواصل الاجتماعي من باب “فذكر إن نفعت الذكرى”، فهو وجسده وروحه المرابطة في غيبوبته يدركون أنه بطل ويعلمون أن استذكار حالته واجب، كل ما في الأمر أنهم باتوا بحاجة إلى قوات “تدخل سريع” لإنقاذه.
نقلت وسائل إعلام فلسطينية اليوم دخول الأسير أبو هواش إلى الغيبوبة، كواحدة من ردود أفعال جسده ووظائفه الأساسية على إضرابه عن الطعام الذي تجاوز الـ140 يوماً، وكأنهم 100 عام من عزلة الأسير أبو هواش وهو يرقد على سريره الشاهد على تآكل جسده يوماً بعد يوم، وشاهد أيضاً على كاميرات المصورين التي لم تفلح في عدساتها على تحويل التضامن معه من أصوات افتراضية إلى أفعال على الأرض، والأهم أنها لم تحرك لدى قوات الاحتلال الإسرائيلي شعرة، فتلك الشعرة المأمول بتحركها لإنقاذ أبو هواش ثابتة وعنيدة في ظل وجود صمت عربي فعلي أمام ما يحدث بحقه.
لم تفلح كل أساليب استعطاف الرأي العام العالمي في حماية أهم حق إنساني لدى الأسير أبو هواش وهو الحق في حماية حياته من الخطر، ولم تفلح هيئته التي شهد على تغيراتها رواد مواقع التواصل الاجتماعي من إيقاف العداد الذي يحسب عدد أيام إضرابه عن الطعام، مثل عدادات الكهرباء التي يتمنى كل شخص ألا تزيد كثيراً حتى لا يكلف تصاعدها الكثير من المال، كما لم تفلح دموع أبنائه لحظة زيارتهم لأبيهم في المستشفى المتواجد فيه عندما لم يصدقوا في اللحظة الأولى أنه هو نفسه أباهم الذي كانوا يعرفون، لم يفلح ذلك المشهد من وقف عداد تهالك جسد أبو هواش.
تتوالى صور الأسير أبو هواش على مواقع التواصل الاجتماعي، من أقدمها عندما كانت عيناه ثاقبتين حادثتين مشبعتين بقوة حب الوطن، إلى أحدثها كيف تحاول تلك العينان بجهد كبير على أن تبقيا ثابتتين ناضرتين، عين تنظر إلى العالم حتى يتحرك وعين تنظر إلى ربها تنتظر الفرج القريب.
لم تثبت الدراسات العلمية بعد ما إذا كان الشخص الذي دخل في غيبوبة يستمع لما يحدث حوله، كما هو حال أبو هواش الآن الذي أزاح ظهره الظاهرة فقرات عموده الفقري فيه من شدة هزل جسده واستسلم أمام متطلبات وظائف جسمه الأساسية، وربما يستمع للأصوات من حوله التي تدعو بأن تكون غيبوبته هذه كفيلة بوقف عداد أقسى أشكال التعذيب الإنساني الذي تعرض له على مدار 140 يوماً، ولعل رقم الـ140 يكون رقم حظه ليتنفس صعداء الحياة.
يذكر أن وسائل إعلام فلسطينية تحدثت أن “سرايا القدس” أعلنت النفير العام ورفعت حالة الجهوزية ونفذت إخلاء للمواقع العسكرية، كما أنها أوقفت كافة الأنشطة التدريبية في مواقعها العسكرية، وورش التصنيع كافة، وذلك “تحسباً لما قد يصيب الأسير أبو هواش من جراء إضرابه عن الطعام”.
ودعت جامعة الدول العربية، اليوم الاثنين، المجتمع الدولي، إلى التدخل العاجل للإفراج الفوري عن الأسير هشام أبو هواش المضرب عن الطعام لليوم 140 على التوالي، رفضاً لاعتقاله الإداري.
وقالت الجامعة العربية، في بيان، “إن الأسير أبو هواش، دخل مرحلة الخطر ويتعرض لغيبوبة متقطعة نتيجة إضرابه عن الطعام، وصحته تتراجع بشكل ملحوظ، ويواجه خطر الموت المفاجئ”.
وطالبت المؤسسات الدولية والإقليمية والحقوقية والإنسانية، التدخل العاجل للإفراج الفوري عن الأسير أبو هواش.
كما طالبت بإلزام سلطات الاحتلال باحترام وتطبيق القانون الدولي، خاصة اتفاقية جنيف الرابعة، لوضع حد لمعاناة المعتقلين الإداريين وتعرية الإجراءات القضائية والعسكرية الممارسة من قبل قوات الاحتلال.