مع اقتراب موسم الصيف، وارتفاع درجات الحرارة، تتحول الأعشاب نتيجة جفافها الى مصدر قلق وخطورة، باعتبارها “وقود الحرائق”، فيما تركها بين الغابات دون إزالتها يمهد لرقم جديد في قائمة حوادث اشتعال النيران بأحراش جرش.
وتتضاعف مخاطر الأعشاب نتيجة وصولها الموسم الحالي قبل جفافها الى معدلات نمو قياسية، فيما يتزامن هذا الجفاف مع انطلاق رحلات التنزه، ومتعة إشعال مواقد الشواء وسط ضعف الإدراك لدى البعض بما يمكن أن تفعله شرارة واحدة بآلاف الأشجار الحرجية.
على وقع هذه الأحداث، يبدأ السباق لمكافحة حوادث الحرائق ضمن إجراءات استباقية تتضمن فتح خطوط للنار بين الأحراش، وإزالة الأعشاب الجافة، ووضع كافة كوادر الجهات ذات العلاقة على أهبة الاستعداد، خاصة وأن ساعة الحريق لا يمكن التنبؤ بوقتها.
يقول رئيس قسم حراج جرش المهندس فايز الحراحشة، في معرض حديثه عن تفعيل مديرية زارعة جرش الأسبوع الماضي لخطة مكافحة الحرائق “إن محافظة جرش بأمس الحاجة إلى مشروع وطني متكامل يقوم على مكافحة الحرائق التي تهدد ثروتنا الحرجية”. وتابع “الأشجار الحرجية ثروة من أغلى ممتلكات المحافظة ويستفاد منها اقتصاديا وسياحيا واجتماعيا، ويحتاج هذا المشروع لدعم مادي لتتمكن المديرية من شراء أهم المستلزمات لمكافحة الحرائق والحد من انتشارها”.
وكان العام الماضي قد شهد خلال موسم الصيف ما يزيد على 1029 حادث حريق من بينها 1019 مفتعلة، واعتبر الرقم من قبل جهات مختلفة رسمية وشعبية “كبيرا”، وسط دعوات بضرورة تغليظ العقوبات على مفتعلي الحرائق.
وكانت مديرية زارعة جرش قد فعلت، الأسبوع الماضي، خطة مكافحة الحرائق بعد نمو كميات كبيرة من الأعشاب والحشائش في المناطق الزراعية، وارتفاع درجات الحرارة وزيادة الحركة السياحة الداخلية، بهدف منع الحرائق في الغابات.
غير أن عدم تعيين عمال مياومة لتنظيف الأعشاب والحشائش كما في السنوات السابقة واقتصار التعيين على 16 عاملا فقط موزعين على مختلف المهن في الزراعة، يعد ثغرة يجب معالجتها قبل فوات الوقت.
ويرى الحراحشة، في هذا الصدد، أن عدم تعيين عمال كفاية لتنظيف الأعشاب والحشائش في المواقع السياحية ومواقع التنزه وجوانب الطرق يزيد من احتمال نشوب الحرائق في الأسابيع المقبلة، لا سيما وأن وسيلة التنظيف الوحيدة للأعشاب
والحشائش المتوفرة حاليا هي “تراكتور” واحد يتم بواسطته تنظيف جزء من مساحات انتشار الأعشاب والحشائش.
وقال الحراحشة إن مديرية الزراعة اجتمعت نهاية الأسبوع مع مديرية الدفاع المدني ووزارة الأشغال والبلديات والجهات المعنية كافة والتابع لها حراج جرش بهدف المساعدة على تنفيذ خطة مكافحة الحرائق التي تهدف الى حماية الغابات من الحرائق والإسراع في إطفاء أي حريق بأقل الخسائر.
وبين أن كوادر الحراج قامت بفتح خطوط النار وتنظيفها وتجهيزها وتجهيز خزانات تجميع المياه وتنكات التزويد، خاصة وأن كميات الأعشاب والحشائش كبيرة جدا ودرجات الحرارة بدأت بالارتفاع، ما يشكل خطرا على الأراضي الحرجية ويجب أن تكون كل الجهات المعنية على أتم الاستعداد لفصل الصيف المقبل.
وأثبتت خطة مكافحة الحرائق فعاليتها خلال الأعوام الماضية في الحد من تكرار الحرائق. ومن أهم إجراءاتها فتح خطوط نار جديدة وتنظيف الخطوط القديمة وصيانتها، وتوفير آليات إطفاء ثابتة في منطقة دبين وفي مديرية الزراعة، وتوفير 3 صهاريج مياه جاهزة على مدار الساعة في مختلف المناطق التي يوجد فيها كثافة حرجية، فضلا عن أنه قد تم توزيع الدوريات في مختلف المناطق وتوفير أبراج المراقبة اللاسلكية وزيادة عددها وزيادة عدد طوافين الحراج ودوريات المراقبة.
وبين الحراحشة أن أهم مستلزمات مشروع مكافحة الحرائق سيارات رباعية الدفع وتحمل خزانات مياه متنقلة بسعة إجمالية لا تقل عن 200 متر ولودرات لفتح طرق وخطوط نار جديدة وزيادة عدد الطوافين وبناء خزانات مياه جديدة وأبراج مراقبة جديدة وزيادة عدد عمال تقليم الأشجار الجافة. وأضاف أن المشروع بحاجة إلى كلفة مالية لا تقل عن 300 ألف دينار من موازنة اللامركزية ومن الأفضل أن يتم تخصيصها على موازنة العام المقبل للحد من نشوب الحرائق ومكافحتها، لا سيما وأن محافظة جرش تتميز بالكثافة الحرجية والغطاء النباتي الغزير.
وقال الحراحشة “إن المديرية ما تزال حتى الآن تقوم بالتعاون مع مديرية الأشغال والبلديات بفتح طرق جديدة وممرات ترابية في الغابات وتكثيف الزيارات المدانية على المزارعين، وخاصة المزارع القريبة من الأحراش، وتهدد الغابات بهدف تنظيف الأعشاب منها والإسراع في حراثتها للحد من نشوب الحرائق فيها”.
وأضاف أنه قد تم تزويد محافظتي جرش وعجلون كذلك بطائرتين دون طيار، وهما تستخدمان للكشف عن الحرائق بسرعة فائقة وتحديد الموقع بدقة والطرق التي تؤدي إليها، فضلا عن الكشف عن الاعتداءات على الثروة الحرجية ومواقعها.
وأكد الحراحشة ضرورة تفعيل طائرة للإطفاء في حال نشوب حرائق ويخصص لها طيار، وخاصة في فصل الصيف، لصعوبة الوصول الى مواقع اشتعال الحرائق، وخاصة كوادر وآليات الإطفاء، وهي توفر الوقت والجهد وتحد من خسائر الأشجار الحرجية، وقد تم استدعاء طائرة هذا العام لإطفاء حريق اندلع قبل نحو أسبوع في غابات برما، وكانت تضاريس المنطقة الجغرافية تمنع وصول فرق الإطفاء للموقع وقد تم الاستعانة بطائرة لسلاح الجو للسيطرة على الحريق.
وأوضح أنه قد تم تفعيل برنامج الشراكة المجتمعية في المشاركة في إطفاء الحرائق في حال نشوبها في المناطق القريبة من الأحياء السكنية عن طريق تشكيل فرق شبابية متطوعة من سكان القرى والبلدات المجاورة للغابة وفي حال نشوب حريق يقومون بمساعدة الكوادر في عمليات الإطفاء والتبليغ ومساعدة فرق الإطفاء في الوصول إلى الموقع بأسرع وقت ممكن.
وشدد الحراحشة على مزارعي الأراضي المملوكة القريبة من الحراج بضرورة حراثتها وتنظيفها من الأعشاب يدويا لتجنب تكرار مثل هذه الكوارث البيئية، خاصة وأن ظروف نشوب الحرائق متوفرة والعوامل المساعدة تزيد من خطورة اشتعال النيران، وهي الأعشاب الجافة التي تعد وقودا للحرائق مع ارتفاع درجات الحرارة.
وتشكل حرائق الأعشاب الجافة والأشجار التي تتكرر بشكل لافت في مناطق واسعة في قرى وبلدات محافظة جرش خطرا آخر على الغابات الحرجية القريبة من الأحياء السكنية والأراضي المملوكة.
وقال الحراحشة إن كوادر مديرية الزراعة تواصل الليل بالنهار في مراقبة الغابات والحد من العبث فيها ومتابعة نشوب الحرائق على مدار الساعة من قبل العابثين، لا سيما وأن حركة التنزه حاليا بدأت تنشط وخاصة رحلات المجموعات لأفواج كبيرة من الزوار من مختلف محافظات الممكلة ومنهم من يقوم بسياحة المغامرات ويبيتون أياما عدة داخل الغابات.