الجمعة , ديسمبر 20 2024

ديمة قندلفت: “ستيليتو” لامس كل امرأة… وأدخل الرجل عالمها الخاص

لا تُبدع النجمة السورية ديمة قندلفت على المسرح وأمام عدسة الكاميرا كممثلة منفردة، بل تجسّد كـ”جوقة كاملة من الفنون السبعة”، فترسم الملامح من الرأس إلى أخمص القدمين ببصمتها التي تسمو بالتأليف، وتنحت التفاصيل حتى آخر عُروة، وتُهندس الدور بكل خطوطه، وكعابرة من الغناء إلى “التشخيص” تعرف العزف بطبقات الصوت وفق الشخصية وموقفها، حتى تؤدي أخيراً بمنظومة ثالوث الروح والجسد والوعي، التي يقودها التمرّد، سمتها الأبرز خلال مسيرتها المثمرة على مدى أكثر من عقدين، فقندلفت امرأة صاحبة خيار دوماً، على الصعيدين المهني والشخصي.

تصوير: شربل بو منصور

تنسيق الأزياء: جوني متى

شعر ومكياج: ميشال وكوليت

شكر خاص لأوتيل Phoenicia

“ستيليتو”

حالياً، تتألق ديمة قندلفت في مسلسل “ستيليتو” بنسخته العربية أداءً متفوّقاً، وأناقةً مترفة بإطلالات لافتة وفساتين بقصّات مميّزة تخطف الأنظار، وألواناً تعشقها قندلفت على الصعيد الشخصي كالأبيض والأسود والأحمر الآسر وغيرها، معتمدةً المبالغة للتركيز على الطابع الفنّي للعمل الذي يقصد بطبيعته ألاّ ينقل الواقع وحسب، بل ملامسته بشكل خلّاق، على غرار ما رأيناه في فيلم What Women Want من بطولة ميل غيبسون وهيلين هانت وماريزا تومي. وهنا يأتي الردّ على منتقدي هذه المبالغات، بأن العمل ليس عملاً وثائقياً، بل فنّي بامتياز يعتمد على وضع المشاعر والسلوكيات الاجتماعية تحت عدسة المجهر المكبّرة، لإظهار تفاصيلها الأدقّ.

وقد أعطت ديمة البطلة “فلك معوّض” أجمل ما عندها من ذوق رفيع، ومشاعر جيّاشة، وقوّة شخصيّة بلغت حدّ التسلّط والانحياز. وحصّنت الدور بانفعالات لا مثيل لها من خوف وكره وانتقام وتسلّط وتجبّر وتكبّر ولؤم وعقد نفسيّة على أنواعها. “فلك معوّض” كما قدّمتها ديمة، شخصيّة لا تتكرّر.

ويعود نجاح المسلسل إلى تضمّنه عناصر جذب عدّة في سياق القصّة التي تفوّقت بنسختها المترجمة على النسخة التركيّة نفسها، إذ استطاع “ستيليتو” وفق قندلفت، أن يلامس كلّ امرأة عربية على الرغم من المبالغات التي تجلّت في عدد من السلوكيات والمواقف والأفعال وردودها، كما لجهة الأناقة المفرطة التي رافقت النجمات من الصباح وحتى المساء. فشدّ النساء المشاهِدات اللواتي تفاعلن مع بطلات العمل، القويّة منهنّ، والمتسلّطة، والشغوفة، والمظلومة، والمنكسرة… كلّ امرأة وجدت في مواقف البطلات شيئاًً يشبهها، فتفاعلت مع المسلسل، كلٌ من ربّة المنزل التي تهتمّ بعائلتها وأولادها، والمرأة التي تعرّضت للخيانة، والمرأة التي ارتبطت بعلاقة حبّ مع رجل متزوّج، وتلك التي تغار غيرة عمياء على زوجها أو من رفيقتها، وتلك التي خانتها صديقاتها المقرّبات وتركنها وحيدة في عزّ محنتها، إلى ما هنالك من النماذج النسائية الحقيقية التي قدّمها العمل.

وفي الوقت عينه، جذب العمل الكثير من المشاهدين الرجال الذين تابعوا بشغف مقاربة مختلفة من عالم النساء، فتتبّعوا كيف تفكّر المرأة في حالات الحبّ والخذلان والغيرة والخيانة، وكيف تستطيع أن تكون قويّة كاسرة، وضعيفة مستسلمة، ونمِرة مستشرسة في الدفاع عن زوجها وعائلتها، وأيضاً، كيف تُحاك المكائد النسائية على كلّ المستويات.

“العربجي”

وبعد “ستيليتو”، تطلّ قندلفت على جمهورها في بطولة مسلسل “العربجي” الذي دخلته “لها” في تجربة خاصة احتضنتها أزقة وبيوت الشام القديمة المعدّلة لتلائم فضاء درامياً جديداً يخلقه صنّاع العمل، فعاينت من خلالها نجمة غلافها أثناء عملها في الكواليس، حيث الكثير من الجهد والتعب المخفيين عن الجمهور. تختلف مواعيد التصوير باختلاف الأيام بين بزوغ الشمس والصباح الباكر. ورغم ذلك تصل قندلفت في الموعد المحدّد أو قبله، فالتأخّر ليس ضمن خياراتها، والالتزام على رأس أولوياتها. تدخل الـ”لوكايشن” بابتسامة فرد من العمل، لا نجمته. حريصة على التحية وردّها مع الجميع، قبل توجّهها فوراً إلى غرف الملابس والمكياج والشعر، حيث تهتم بكل تفصيل في الزيّ والمظهر، من الأكسسوارات التي تحوّلها أدوات درامية لاحقاً، مروراً بكل خصلة شعر، وصولاً إلى طريقة وضع كحل العينين. تبدأ بخلع ديمة شيئاً فشيئاً، وارتداء الشخصية الدرامية.

ولا تشرع قندلفت في هذا المسار، أي المشاركة في أي عمل تمثيلي، إلّا إذا صدّقت الدور على الورق، شرطها الأهم لتقديمه. بالنسبة إليها اختيار الدور والتدرّب عليه وتقديمه، عملية تستغرق رحلة طويلة، وعمادها الصدق في الأداء، فإذا أحبّت الشخصية واقتنعت بها، خدمتها، مطلعةً على تاريخها وأدق تفاصيلها،فتطرح الكثير من التساؤلات حول طباعها وطريقة كلامها وعوالمها وما تحب وما تكره. وعندما تتمكن من صفات الشخصية،تخرج بها الى العلن لتعيشها بتفاصيل لباسها وحركاتها وصوتها.

ينادي مساعد المخرج “الأستاذة ديمة” إلى المشهد الأول، فتحضُر إلى البروفات إنسانة مختلفة عن تلك التي دخلت غرف التحضير. في يدها ما يمكن تسميته “سلاح سري” أو طريقتها الخاصة في العمل. فهي قبل بداية التصوير، تكتب على ورقة ملخصاً عن الشخصية، صفاتها وحركاتها وردود فعلها، وملاحظات تحدّد عالمها. هذه الورقة هي البوصلة والبداية. في هذه الحالة نحن أمام “بدور”، شابة حسناء “بريّة” صعبة الترويض، تحلم بالنَّسب الرفيع تعويضاً عن ماضٍ متواضع على أقل تقدير. وتتمتع بأسلوب تفكير “مكيافيللي”، إذ إن غايتها تبرر الوسيلة، لكنها في كل مواقفها بشرية من لحم ودم، فلا تذهب إلى المطلق سواء في الخير أو الشر. كل ذلك يمكن ملاحظته في ملابس “بدور” وأكسسواراتها ومكياجها، بخاصة كحل عينيها، سلاح الممثلة والشخصية الرئيس.

بروفايل

دخلت ديمة قندلفت جادة الفن صبيةً في سنّ المراهقة من خلال الغناء متأثرةً بالفنانة الطفلة في حينه ريمي بندلي التي شاهدتها حين كانت في السابعة من عمرها، فانضمت في موقفها الأول إلى “جوقة الفرح”، ثم تنقّلت بين فِرق محترفة عدة. تجربة جمعت بين الروحية والمهنية، وغرزت في قندلفت أولى أدوات التعبير صوتاً وجسداً، فمهّدت الطريق أمامها إلى المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق، حين اتخذت قرارها الثاني بدخوله مغادرةً دراستها في كلية الاقتصاد، والتي عادت لاستكمالها في عام 2013.

بدأت ديمة الرحلة على المسرح في “أبيض وأسود” مع الفنانَين سامر المصري وباسل خياط، حينشاركتراقصةً تعبيريةً في لوحات من تصميمها عند انتهاء كل مشهد من مشاهدهما. ووقفت أمام عدسة الكاميرا للمرّة الأولى في بطولة مسلسل “أبيض أبيض” بشخصية “لطيفة”، إلى جانب الفنانَين نضال سيجري وفرح بسيسو في عام 2001 الذي شهد تخرّجها في المعهد العالي في دفعة جمعتها مع الفنانين: تيم حسن ومصطفى الخاني وسوزان سكاف وندين سلامة وآخرين.

مرّ أكثر من عشرين عاماً على مسيرة ديمة قندلفت الفنية، والتي قدّمت خلالها ما يناهز مئة عمل في المسرح والسينما والتلفزيون، بكل الألوان الدرامية في التراجيديا والكوميديا والأعمال المعاصرة والتاريخية والبيئية والفانتازيا، من دون أن تفارق الغناء، فاتحة مهنتها الفنية، فقدّمت على مر السنين أغاني في أوقات متفرقة، مع الحفاظ على حلمها بعمل فنّي غنائي، على أن يكون درامياً ومسرحياً ومرتبطاً بالاستعراض… هو أقرب إلى الأوبرا، أو فيلم “مولان روج” مثلاً.

جوائز

جائزة أفضل ممثلة عربية من “موريكس دور” في عام 2021، عن دورها في مسلسل “الهيبة – الردّ”.

جائزة أفضل ممثلة عربية من “موريكس دور” في عام 2016، عن دورها في مسلسل “علاقات خاصة”.

جائزة أفضل ممثلة من “مهرجان الإسكندرية السينمائي” في عام 2019، عن دورها في فيلم “اعتراف”.

جائزة أفضل ممثلة عن دور مساعد من “مهرجان أدونيا” في عام 2009، عن دورها في مسلسل “سحابة صيف”.

شاهد أيضاً

تامر يعلن عن انتقامه لوالده ويعيد إحياء حلمه الغنائي

أعلن الفنان تامر حسني عن انتقامه لوالده، الذي لم يتمكن من تحقيق حلمه في الغناء …