حاخام: ما أقدم عليه بن غفير يتعارض مع الدين اليهودي
2023-01-05
يقول الحاخام مئير هيرش زعيم حركة “ناطوري كارتا”، إن اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى محظور بموجب الشريعة اليهودية.
جاء ذلك في حديث نقلته وكالة الاناضول تعليقا على اقتحام ايتمار بن غفير وزير الأمن القومي اليميني المتشدد في حكومة بنيامين نتنياهو التي حصلت على ثقة الكنيست في 29 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، باحة المسجد الأقصى الثلاثاء، ما أثار غضبا فلسطينيا وتنديدا عربيا وإسلاميا.
وأضاف هيرش خلال المقابلة التي جرت معه في منزله بحي “مئة شعاريم” في القدس الغربية: “أريد التوضيح باسم الشعب اليهودي في العالم كله بأن الدين اليهودي يرفض بشكل مطلق الدخول إلى الحرم”.
وأردف: “الدين اليهودي يرفض ذلك بشكل كامل فهو يتعارض مع ما هو مكتوب في التوراة”.
وتمثل “ناطوري كارتا” المناهضة للصهيونية أقلية من اليهود في إسرائيل، ومع ذلك فإنه يشير إلى أنه يعبر عن حرفية ما جاء في الشريعة اليهودية.
** مواقف متوافقة
ويتوافق موقف الحاخام مئير هيرش بشأن المسجد الأقصى مع موقف الحاخام السفاردي الأكبر لـ”إسرائيل” إسحاق يوسف.
وقالت هيئة البث “الإسرائيلية”، الثلاثاء، إن الحاخام يوسف بعث رسالة احجاج إلى وزير الامن القومي إيتمار بن غفير في اعقاب اقتحامه للمسجد الأقصى.
وأضافت: “أوضح الحاخام أن وزيرا يمثل حكومة اسرائيل يجب عليه ان يتصرف وفقا لتعليمات الحاخامية الرئيسية التي تحظر زيارة المكان المقدس”.
وتابعت إن الحاخام يوسف “دعا بن غفير إلى عدم الزيارة مرة أخرى”.
وفي تغريدة له قال بن غفير وهو زعيم حزب “القوة اليهودية” اليميني المتطرف بعد افتحامه المسجد الأقصى، إن المسجد مفتوح للجميع وإذا اعتقدت حماس أنها إذا هددتني فسوف تردعني، فدعهم يفهمون أن الزمن قد تغير، هناك حكومة في إسرائيل”.
وقبل اقتحام بن غفير للأقصى ذكرت هيئة البث الرسمية الإثنين، أن حركة “حماس” أرسلت رسالة عبر الوسيط المصري والأمم المتحدة، مفادها أنها لن تقف “مكتوفة الأيدي” حال نفذ بن غفير تهديده باقتحام المسجد الأقصى.
ووجد الاقتحام انتقادات حادة من قبل أحزاب المعارضة الإسرائيلية باعتبارها تمثل استفزازا وخطرا على إسرائيل.
** ليس يهوديا
ولكن الحاخام هيرش ذهب إلى أبعد من ذلك بوصف بن غفير بأنه “ليس يهوديا أصلا”.
وقال زعيم الحركة التي لها عشرات آلاف الاتباع: “نحن نوضح للعالم الإسلامي أن ما أقدم عليه هذا الشخص (بن غفير) يتعارض مع الدين اليهودي وهو لا يعبر عنا وإنما يسيء إلى العالم اليهودي ولا يمكنه أن يتحدث باسمنا”.
وأضاف هيرش: “إن ما يقومون به (في إشارة إلى حكومة نتنياهو) هو نيابة عن أنفسهم وليس باسم الشعب اليهودي”.
وتابع موضحا: “يحظر هذا الفعل بموجب كل ما جاء في الشريعة اليهودية وكل قرارات الحاخامين اليهود، بمن فيهم حاخاماتهم”.
وأشار هيرش، إلى أنه “يحظر على اليهود الدخول إلى هناك لعدم توفر شرط الطهارة” حسب العقيدة اليهودية.
وتمتنع الغالبية العظمى من اليهود من اقتحام المسجد الأقصى تماشيا مع فتوى صادرة عن الحاخامية الكبرى في “إسرائيل”.
ولكن جماعات يهودية متطرفة، تدعو لإقامة الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى، تشجع على الاقتحامات وتدعو للسماح لليهود بالصلاة في ساحاته.
وسمحت شرطة الاحتلال أحاديا في العام 2003 لمتطرفين “إسرائيليين” باقتحام المسجد الأقصى بالفترة الصباحية ولفترة وجيزة بعد صلاة الظهر يوميا ما عدا يومي الجمعة والسبت.
ولطالما نددت دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس، المسؤولة عن إدارة شؤون المسجد والتابعة لوزارة الأوقاف الأردنية، بهذه الاقتحامات ودعت إلى وقفها ولكن دون استجابة من قبل السلطات الإسرائيلية.
واكتسبت اقتحامات المسجد الأقصى زخما مع تنامي قوة الأحزاب اليمينية “الإسرائيلية” المتشددة التي تدعو صراحة إلى تقسيم المسجد الأقصى زمانيا ومكانيا بين المسلمين واليهود.
ولكن الحاخام هيرش قال: ” نحن نتحدث في كل وقت ضد هؤلاء الأشخاص، وليس فقط اليوم، فالديانة اليهودية تعارض هذا الأمر ولا يجوز أن يأتي شخص يدعي أنه يهودي ويقوم بأعمال تتعارض مع الدين اليهودي”.
وأضاف في إشارة إلى بن غفير: “لا يهم إذا ما كان يرتدي القلنسوة “كيباه” فهو ليس يهوديا لأن من لا يؤمن بالتوراة هو ليس يهوديا”.
وأكد هيرش معارضته دعوة جماعات يمينية “إسرائيلية” للسماح لليهود بالصلاة في المسجد الأقصى.
وقال: “لا يجوز أن يصلوا أصلا لأنهم غير يهود ومن يقول ذلك يريد جر العالم الإسلامي إلى الحرب والعداء وهو محظور بموجب التوراة وكل مواقفهم تتعارض مع التوراة”.
** جماعات متطرفة
وترى جماعات يمينية “إسرائيلية” متطرفة في تولي بن غفير منصب وزير الأمن القومي، المسؤول فعليا عن شرطة الاحتلال ، فرصة لتغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى.
وبعيد تسلم بن غفير مهامه، الخميس، وجهت الجماعات المتطرفة المؤيدة لإقامة الهيكل رسالة إلى قيادة الشرطة دعت فيها لإجراء تغييرات جذرية في المسجد الأقصى.
وجاء في نص الرسالة التي حصلت الأناضول على نسخة منها مطالب من بينها تمديد ساعات الاقتحامات، صلاة كاملة في الحرم، ودخول اليهود إلى الحرم كل أيام الأسبوع.
كما تضمنت المطالب إلغاء حظر إدخال الأشياء المقدسة وتحديد مكان كنيس في الحرم وإنهاء نظام الجماعات بمرافقة الشرطة، ودخول اليهود من جميع أبواب الحرم، وإلغاء إغلاق الحرم أمام اليهود في الأعياد الإسلامية.
وليس من الواضح إذا ما كانت حكومة الاحتلال ستتبنى هذه المطالب أو جزء منها، ولكن الفلسطينيين يخشون من أن يكون اقتحام بن غفير مقدمة لتطبيقها تدريجيا.
وكان اقتحام بن غفير قاد إلى انتقادات دولية وعربية وإسلامية واسعة دعت إلى عدم تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى.
** موقف نتنياهو
ورغم الانتقادات إلا أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو دافع عن اقتحام بن غفير للمسجد الأقصى.
وقال مكتب رئيس وزراء الاحتلال في بيان: “نتنياهو ملتزم بالحفاظ على الوضع القائم بصرامة، دون تغيير، في الحرم القدسي”.
وأضاف: “لن تملي حماس علينا”.
وتابع نتنياهو: “في ظل الوضع الراهن، صعد الوزراء إلى الحرم القدسي في السنوات الأخيرة، بمن فيهم وزير الأمن العام جلعاد إردان لذلك، فإن الادعاء بحدوث تغيير في الوضع الراهن لا أساس له”.
وسبق لبن غفير أن اقتحم المسجد الأقصى مرارا في الماضي بصفته الشخصية وكنائب في الكنيست ولكنها المرة الأولى التي يقتحم فيها المسجد بصفته وزير.
وتقول دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس إن الوضع القائم هو الوضع الذي ساد ما قبل وبعد الاحتلال الإسرائيلي عام 1967 حيث تكون الدائرة هي المسؤولة الوحيدة عن إدارة شؤون المسجد الذي هو للمسلمين وحدهم.
أما الاحتلال فتعتبر أن الوضع القائم هو الوضع الذي تقتصر فيه الصلاة بالمسجد على المسلمين فيما يسمح لأتباع جميع الأديان بدخوله.
يذكر أن جماعة “ناطوري كارتا” تعتبر أن إسرائيل دولة احتلال ويرفض اتباعها الخدمة في جيش الاحتلال أو الحصول على البطاقة الشخصية وجواز السفر الإسرائيلي.
وقال هيرش عن حكومة الاحتلال “لا علاقة لهم بالديانة اليهودية، وفي اللحظة التي يتبنى فيها الصهيونية فهو ليس يهوديا”.
وأضاف: “العالم كله يعتقد أنهم يهود، هم ليسوا يهودا، هم لا علاقة لهم بهذه الأرض، وعليهم أن يغادروا من هنا ويعيدوا كل شيء للفلسطينيين كما كان الأمر قبل العام 1948 وهذا ما يتوجب القيام به، هذا احتلال، هم لا علاقة لهم بهذه الأرض”.
أثناء الخروج من منزل هيرش كان بالإمكان رؤية العديد من الأعلام الفلسطينية مرسومة على الجدران ما بين المنازل ولافتات كتب عليها باللغات العربية والعبرية والإنجليزية “الصهاينة ليسوا اليهود”