يمضي العام الأول على ذكرى استشهاد الإعلامية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة وما زال المجرم بلا عقاب، وبرغم وضوح الصورة واكتمال المشهد، إلا أن القاتل ما زال حيا.
ونقلت مراسلة قناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة رسالة فلسطين لنحو ثلاثة عقود، قبل أن تبعث بسطورها الأخيرة لقناة الجزيرة في الدوحة صباح الحادي عشر من أيار لعام 2022، وتخبرهم أن جيش الاحتلال الإسرائيلي اقتحم مدينة جنين ويحاصر منزلا فيها، وأنها ستوافيهم بالخبر فور اتضاح الصورة.. وكانت هي الخبر.
وعود أميركية عدة لمتابعة قضية أبو عاقلة، التي تحمل الجنسية الأميركية أيضا، ولكنها ذهبت في الهواء مع طلقات الجاني الذي أشبع الفلسطينيين قتلا والأرض دما.
ما زالت عائلة أبو عاقلة تنتظر العدالة ومعاقبة الجاني والانتصار لروح ابنتهم، التي استشهدت في 11 أيار، برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي أثناء تغطيتها اقتحام مدينة جنين بالرغم من ارتدائها سترة واقية من الرصاص كتبت عليها كلمة “صحافة” وخوذة واقية عندما أصيبت برصاصة أسفل خوذتها.
فعاليات فلسطينية عدة استذكرت أبو عاقلة حيث أحيا مركز الفن الشعبي الفلسطيني، والذي كانت شيرين منذ عقود من ضمن هيئته الإدارية، الذكرى الأولى لرحيل الصحفية المقدسية بلوحات فنية محلية وعربية، منها أغنية “وتبقى شيرين” بغناء فرقة محلية وأغنية أخرى عرضت عبر الشاشة من ألحان نجل المغني اللبناني الراحل وديع الصافي مهداة “لروح شيرين”.
لم تترك أبو عاقلة قرية أو مدينة أو مخيما فلسطينيا إلا وأعدت عنه أو منه قصة صحفية، وشهدت على أحداث فلسطينية مفصلية؛ أبرزها تغطية أحداث انتفاضة الأقصى (الانتفاضة الثانية) بين عامي 2000 و2004، وقد اجتاح الاحتلال الإسرائيلي فيها الضفة الغربية المحتلة، وغطت فيها عمليات قصف واغتيالات وأحداثا بالغة الخطورة.
وشاركت بتغطيات صحفية عديدة في مواجهات القدس وغزة والضفة الغربية والداخل، وكان آخرها المواجهات في القدس المحتلة والمسجد الأقصى وحي الشيخ جراح، حيث تعرّضت وزملاؤها للتنكيل والاعتداء من جيش الاحتلال الإسرائيلي، وأصيبت برصاص الاحتلال أكثر من مرة، وفي أكثر من موضع.
وُلدت شيرين نصري أبو عاقلة عام 1971، وترعرعت في مدينة القدس لأسرة مسيحية تنحدر من مدينة بيت لحم جنوب الضفة الغربية المحتلة، وأنهت دراستها الثانوية في مدرسة راهبات الوردية في بيت حنينا في المدينة المقدسة.
والتحقت شيرين بداية بدراسة الهندسة المعمارية في جامعة العلوم والتكنولوجيا في الأردن، لتنتقل بعدها إلى تخصص الصحافة في جامعة اليرموك الأردنية أيضا، حيث تخرجت بلقبها الأول.
وعادت أبو عاقلة بعد تخرجها إلى فلسطين وعملت في مهام إعلامية مع عدة جهات، مثل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وإذاعة صوت فلسطين، وقناة عمان الفضائية، ثم مؤسسة مفتاح، وإذاعة مونت كارلو.
في عام 1997 انضمت أبو عاقلة إلى طاقم قناة الجزيرة الفضائية في بداية تأسيسه بفلسطين، وظلت فيه حتى قضت شهيدة للرسالة الإعلامية المناصرة لوطنها وقضيتها، وهو ما جعل كثيرا من الصحفيين يدينون “لأستاذتهم” بالتعلم منها والاستفادة من خبرتها.
في مقابلة معها أجرتها وكالة أنباء “النجاح” المحلية في نابلس، قالت أبو عاقلة “بالطبع أكون خائفة في كثير من الأحيان أثناء إعداد التقارير”، مضيفة “أنا لا أرمي نفسي إلى الموت، أنا أبحث عن مكان آمن أقف فيه وأعمل على حماية طاقمنا الصحافي قبل أن أقلق على اللقطات”، وفق وكالة الأنباء الفرنسية.