الإفتاء تجيز أعمال التجارة عن طريق ” دروب شيبنغ”
2022-02-13
أجازت دائرة الإفتاء البيع والقيام بأعمال التجارة عن طريق ما يعرف بـ”دروب شيبنغ” وهي فرع من فروع التجارة الإلكترونية.
وقالت ردا على سؤال ورد لها :” التكييف الفقهي لهذا النوع من التعاملات هو عقد البيع الموصوف بالذمة، فالبيع ينقسم من حيث تعيين محلّ العقد إلى قسمين: البيع المعين، والبيع الموصوف بالذمة، فالقسم الأول يكون المبيع متميزاً معروفاً بعينه للعاقدين، ويشترط حينئذٍ أن يتملك البائع المبيع ويقبضه قبل بيعه للمشتري، والقسم الثاني يكون المبيع موصوفاً بالصفات التي تنفي الجهالة عنه، ويشترط حينئذٍ أن يتم تعيين الثمن في مجلس العقد، والتعيين يتم إما من خلال تسليم الثمن للبائع أو حجز الثمن، ولا يصحّ تأجيله شرعاً”.
وتاليا نص الفتوى :
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
تبيّن بعد البحث والدراسة أن “دروب شيبنغ” عبارة عن نوع من الوساطة التجارية الإلكترونية، يقوم فيها صاحب متجر إلكتروني بالبحث عن بضائع في مواقع التجارة العالمية مثل “أمازون” و”اكسبريس”، وإدراج صور تلك البضائع ومواصفاتها على متجره الخاص به -من غير أن يتملكها- بأسعار أعلى ليتمكن من تحصيل ربح، وعندما يقوم المشتري بعملية الشراء يتم الدفع عبر بطاقات الدفع الإلكترونية العالمية، ومن ثم يقوم البائع بشراء البضاعة التي طلبها المشتري من تلك المواقع العالمية، وتتكفل المواقع العالمية بإيصال البضائع إلى عنوان العميل.
والتكييف الفقهي لهذا النوع من التعاملات هو عقد البيع الموصوف بالذمة، فالبيع ينقسم من حيث تعيين محلّ العقد إلى قسمين: البيع المعين، والبيع الموصوف بالذمة، فالقسم الأول يكون المبيع متميزاً معروفاً بعينه للعاقدين، ويشترط حينئذٍ أن يتملك البائع المبيع ويقبضه قبل بيعه للمشتري، والقسم الثاني يكون المبيع موصوفاً بالصفات التي تنفي الجهالة عنه، ويشترط حينئذٍ أن يتم تعيين الثمن في مجلس العقد، والتعيين يتم إما من خلال تسليم الثمن للبائع أو حجز الثمن، ولا يصحّ تأجيله شرعاً.
ويتنبه إلى أن القسم الثاني وهو البيع الموصوف بالذمة لا يندرج في النهي عن بيع ما لا يملك؛ قال الإمام الخطابي رحمه الله: “قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تبع ما ليس عندك) يريد به بيع العين دون بيع الصفة، ألا ترى أنه أجاز بيع السلم إلى الآجال، وهو بيع ما ليس عند البائع في الحال” [معالم السنن 3 /140]، وقال الإمام شهاب الدين الرملي رحمه الله: “لو قال اشتريت منك ثوباً صفته كذا بهذه الدراهم، فقال: بعتك؛ انعقد بيعاً؛ لأنه بيع موصوف في الذمة” [حاشية الرملي على أسنى المطالب 2/ 18].
ويفترق بيع الموصوف بالذمة عن عقد السلم أن الثاني يشترط فيه تسليم الثمن في مجلس العقد، ولا يشترط ذلك في بيع الموصوف بالذمة، بل يكفي تعيين الثمن؛ قال العلامة البجيرمي رحمه الله: “السلم له أحكام والبيع في الذمة له أحكام، فأحكام السلم يشترط قبض رأس المال في المجلس، ولا يصح الاستبدال عنه، ولا الحوالة به ولا عليه، ويصحّ ذلك كله في الثمن في البيع في الذمة، فلا يشترط فيه قبض الثمن في المجلس” [حاشية البجيرمي على الخطيب 3/ 5].
وعليه؛ فلا حرج في المتاجرة بهذا النوع من التعاملات الإلكترونية بشرط الالتزام بالضوابط الشرعية الآتية:
أولاً: يجب أن تكون السلعة حقيقية ومباحة شرعاً، وأن تكون مواصفاتها المعروضة صحيحة.
ثانياً: يجب أن يتم تعيين الثمن عند عقد الشراء بين البائع والمشتري، وتعيين الثمن يتم إما من خلال الدفع مباشرة عبر نظام الدفع الإلكتروني أو حجز الثمن عند أحد مواقع الدفع الإلكتروني أو المنصة التي يستخدمها البائع.
ثالثاً: أن لا تكون البضاعة من الأشياء التي يجب فيها التقابض فوراً، كالذهب والفضة حتى لا تدخل في شبهة الربا.
رابعاً: يثبت للمشتري خيار الرؤية عند استلام البضاعة، ويثبت له الخيار عند وجود عيوب في البضاعة التي استلمها، ويتحمل البائع مسؤولية ذلك، وحينئذٍ فإما أن يفسخ العقد مع المشتري أو يرجع البائع على المورد الذي اشترى منه البضاعة ليستبدلها ببضاعة أخرى سليمة من العيوب بنفس المواصفات. والله تعالى أعلم.