الفايز: العلاقات الأردنية – الإسرائيلية وصلت إلى حالة من “القطيعة التامة”
2023-11-29
قال رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز، إن العلاقات الأردنية – الإسرائيلية وصلت إلى حالة من “القطيعة التامة” عقب العدوان الأخير على قطاع غزة، واستمرار الاعتداءات على الفلسطينيين في الضفة الغربية، ومواصلة اعتقال الشباب والنساء والأطفال والعمل على تهجير الفلسطينيين من بيوتهم.
وأضاف الفايز خلال حديثه لصحيفة “النهار العربي”، أن “تلك العلاقة ورغم وجود اتفاقية وادي عربة، ساءت في ظل سيطرة اليمين المتطرف على الحكومات الإسرائيلية منذ سنوات، ورفض إسرائيل تمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه بإقامة دولته الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس الشريف، واستمرار الحكومة الإسرائيلية المتطرفة بالسماح للمستوطنين بالاعتداءات اليومية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس ومحاولتها تغيير الوضع القانوني والتاريخي القائم في القدس الشريف، كما أن ثمة رفضاً شعبياً واسعاً للتطبيع مع دولة الاحتلال”.
التصعيد الأردني لن يتوقف إذا استؤنفت الحرب
وفي ما يتعلق بموقف الأردن في حال استأنفت إسرائيل حربها على غزة بعد انتهاء الهدنة، قال الفايز إن “خطاب الدولة الأردنية واضح وثابت تجاه ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي. والمملكة لن تتوقف في تصعيدها ضد الكيان الإسرائيلي المحتل وجرائم الحرب التي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني، وستتخذ الخطوات التصعيدية كافة لوقف العدوان على غزة والوصول إلى حل عادل للقضية الفلسطينية”.
ولفت بهذا الخصوص إلى أن الأردن سحب سفيره من تل أبيب وطلب عدم عودة السفير الإسرائيلي إلى عمان، و”هذا يمثل خطوة تصعيدية ضد استمرار العدوان الإسرائيلي، بالإضافة إلى أن البرلمان الأردني يقوم حالياً بمراجعة الاتفاقيات الموقعة بين الأردن ودولة الاحتلال”.
واعتبر رئيس مجلس الأعيان الأردني أن “قادة دولة الاحتلال بأفكارهم وممارساتهم يسعون إلى توسيع دائرة الصراع في المنطقة، لذلك تراهم يعملون على تنفيذ أحلامهم بالعمل على تهجير الفلسطينيين، سواء تهجير أهالي قطاع غزه إلى مصر، أو تهجير فلسطينيي الضفة الغربية إلى الأردن”، مشيراً إلى أن “موضوع التهجير القسري للفلسطينيين بات مطروحاً بقوة لدى قادة الاحتلال، ورافق ذلك اعتداءات غير مسبوقة على الشعب الفلسطيني، لكن الرد من الأردن ومصر كان حازماً وقوياً في رفض التهجير القسري وهذه الممارسات العنصرية”.
“الإجراءات حيال محاولات التهجير ستكون حازمة”
وتطرق الفايز، إلى أن “جلالة الملك عبدالله الثاني أعلن وبكل صراحة وقوة، أن التهجير القسري هو بمثابة إعلان حرب بالنسبة للأردن، وخاصة على ضوء ما يجري في الضفة الغربية الآن، من قتل واعتداءات ومداهمات للمخيمات والمدن، إضافة إلى تهجير أكثر من ألف عائلة فلسطينية من بيوتها، وتجاوز عدد الشهداء في الضفة الغربية منذ بدء الحرب على غزة وحتى اليوم أكثر من 200 شهيد، جراء الاعتداءات التي يقوم بها قطعان المستوطنين، فهذا الإجرام الإسرائيلي هدفه واضح، وهو التهجير القسري للفلسطينيين”، مجدداً التأكيد بأن “المواقف والإجراءات الأردنية والمصرية حيال محاولات التهجير القسري ستكون إجراءات حازمة”.
الدور الأميركي في العلاقات الأردنية – الإسرائيلية
وفي ردّه على سؤال عن مدى تأثير الدور الذي تؤديه الولايات المتحدة في ضبط إيقاع العلاقة بين الأردن واسرائيل، وضمان عدم تدهورها إلى حد كبير، أكد الفايز أن “أميركا الحليف الاستراتيجي والداعم الرئيسي لإسرائيل تدرك جيداً أن الأردن يمثل حجر الاستقرار في المنطقة، وبالتالي لن تسمح أميركا والدول الأوروبية بالعبث بأمن الأردن واستقراره، وهذا الأمر فيه مصلحة لجميع الأطراف”.
ويتابع: “لذلك بدأت أميركا تدعو إلى هدنة إنسانية دائمة في قطاع غزة وإنهاء العدوان، كما بدأت ومن خلفها المجتمع الدولي الداعم لإسرائيل، بالتأكيد على ضرورة حل الدولتين باعتبار ذلك هو الطريق الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة ولإسرائيل تحديداً”، معتبراً أن “هذا التغير في الموقف الأميركي بدأ يطرح بقوة على الصعيد الدولي وجاء عقب فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها في قطاع غزة”.
صحوة المجتمع الدولي
كما أن الإدارة الأميركية، وفق الفايز “تدرك أيضاً أن استمرار العدوان الإسرائيلي من شأنه توسيع دائرة الصراع والعنف في المنطقة، لهذا بدأت تأخذ بما كان يؤكد عليه جلالة الملك، برفض التهجير القسري وأن لا حلول للقضية الفلسطينية على حساب الأردن، وبالتالي فإن المواقف الجديدة لأميركا والمجتمع الدولي، الذي بدأ يصحو على الرواية الصهيونية الكاذبة، ستكون له تأثيرات قوية في كبح جماح إسرائيل التوسعية والعدوانية”.
ضرورة الضغط العربي والإسلامي
وطالب الفايز بضرورة أن “يكون ثمة ضغط عربي على المجتمع الدولي، من أجل وقف الحرب على الشعب الفلسطيني ومحاسبة إسرائيل على جرائمها”، مبيناً أن “الدول الغربية وأميركا لها مصالح اقتصادية كبيرة مع الدول العربية والإسلامية، ولهذا يجب استخدام الثقل الاقتصادي للأمتين العربية والإسلامية، من أجل كبح جماح هذا العدوان الغاشم”، مؤكداً أن “المطلوب اليوم التحدث بجرأة ووضوح وقوة مع أميركا والدول الأوروبية، بشأن وقف العدوان الإسرائيلي ووقف حرب الإبادة التي تقوم بها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية”.
“لغة الشجب والاستنكار لن توقف الحرب”
وشدد على “وجوب نقل وجهة النظر العربية والإسلامية إلى أميركا والدول الأوروبية بأنه لا يمكن السكوت عمّا يجري في غزة من جرائم حرب، فلا احترام للقانون الدولي، ولا للقانون الإنساني، وأنه لا يجوز استمرار إسرائيل دولة فوق القانون، لهذا يجب أن يكون هناك كلام عربي إسلامي جريء وقوي مع هذه الأطراف”، لافتاً إلى أن “استخدام الثقل الاقتصادي العربي والإسلامي سيؤدي إلى النتيجة المطلوبة، وهي وقف العدوان الإسرائيلي، فلغة الشجب والاستنكار لن تجدي نفعاً ولن توقف العدوان، ولا بد من التأكيد أيضاً على ضرورة قيام تحالف دولي يفضي إلى عقد مؤتمر دولي للسلام يفرض على إسرائيل القبول بحل الدولتين”.
خطوط حمر أردنية عديدة
وبالإضافة إلى تهجير الفلسطينيين، ثمة خطوط حمر أخرى يتبناها الأردن في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وهي كما وصفها الفايز “لاءات الملك الثلاث… لا للتوطين، ولا للوطن البديل، ولا للمسّ بالوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس”، معتبراً أن “أي محاولات للعبث بهذه الثوابت، يشكل بالنسبة للأردن خطاً أحمر وبمثابة إعلان حرب، وسيتصدى لها الأردن بكل قوة ولن يسمح بالمسّ بها”، مضيفاً أن “مستقبل الأردن وأمنه واستقراره ونسيجه الاجتماعي الموحد، هي أيضاً خطوط حمر لن نقبل أو نسمح بأي محاولات للعبث بها”.
استهداف الأردن ومواقفه
وفي ما يتعلق بالحديث عن استهداف الأردن ومواقفه في الأزمات أو الأحداث الساخنة ومحاولة زعزعة استقراره، قال الفايز إن “الأردن بقيادة جلالة الملك، يواجه اليوم محاولات العبث بأمنه واستقراره من قبل بعض أصحاب الأجندات الخاصة أو المرتبطة بجهات مشبوهة وهم قلة قليلة. هذه الجهات لا ترضيها حالة الأمن والاستقرار التي ينعم بها الأردن، ولا ترضيها مواقفه العروبية والقومية، والحضور والاحترام الدولي الكبير الذي يحظى به الملك من قبل المجتمع الدولي وقادته السياسيين، ولا يرضيها أيضاً الدور الكبير الذي يقوم به الملك لجهة تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة والدفاع عن القضايا العربية العادلة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وضرورة حلها وفق قرارات الشرعية الدولية، وبما يمكن الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس”.
وأضاف أن “النسيج الاجتماعي الأردني بمختلف مكوناته العرقية والدينية هو نسيج متماسك وجبهتنا الداخلية متينة وقوية، بفضل حكمة جلالة الملك ووعي الشعب الأردني ومنعة أجهزتنا الأمنية وقواتنا المسلحة، فجميع الأردنيين ملتفون حول العرش الهاشمي، وقد تمكن الأردن من المحافظة على أمنه واستقراره رغم ما خلفه الربيع العربي أو الرماد العربي من ويلات ودمار للأمة العربية، ورغم الصراعات والأزمات السياسية والأمنية من حوله”.
“الأردن لم يشهر السيف يوماً بوجه أي دولة عربية”
واختتم الفايز حواره مع “النهار العربي” بتأكيد أن “الأردن بقيادة جلالة الملك سيبقى على الدوام مناصراً للقضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني الشقيق بإقامة دولته المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني، على حدود الرابع من حزيران (يونيو) لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية”، مشدداً بالقول “يكفي الأردن فخراً بقيادته الهاشمية التي لم تشهر السيف يوماً بوجه أي دولة عربية، ولم تلطخ أيديها بدماء أي شقيق عربي”.