الإثنين , ديسمبر 23 2024

اسرائيل اعتقلت 11 ألف فلسطينيًا العام الماضي

قالت مؤسسات الأسرى الفلسطينيين (هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير الفلسطيني، ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، ومركز وادي حلوة – القدس)، إن نحو 11 ألف فلسطيني، تعرضوا للاعتقال من قبل قوات الاحتلال الإسرائيليّ خلال عام 2023، نصفهم بعد 7 تشرين الأول.

وأوضحت مؤسسات الأسرى في تقرير حول أبرز القضايا والمعطيات الخاصّة بواقع قضية الأسرى في سجون الاحتلال للعام 2023، أن الـ11 ألف حالة اعتقال، لا تشمل معتقلي غزة بعد السابع من تشرين الأول.

ولفتت إلى أن حالات الاعتقال بين صفوف النساء بلغت 300 حالة، وتشمل النساء اللواتي اُعتقلن من أراضي عام 1948، بعد السابع من تشرين الأول، فيما بلغ عدد حالات الاعتقال بين صفوف الأطفال 1085.

وبينت أن حالات الاعتقال بعد السابع من تشرين الأول الماضي بلغت أكثر من 5500، من بينها 355 طفلا، و184 امرأة، تشمل النساء ممن اعتقلن من أراضي عام 1948.

وأشارت مؤسسات الأسرى إلى أن نسبة حملات الاعتقال في الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2023 تشكّل ما نسبته النصف من حصيلة حملات الاعتقال، فيما لم تشمل هذه الحصيلة عمليات الاعتقال التي نفّذها الاحتلال بحقّ الفلسطينيين من غزة بعد السابع من تشرين الأول.

وكانت أعلى نسبة في حالات الاعتقال خلال شهر تشرين الأول الذي شهد بداية العدوان والإبادة الجماعية في غزة وبلغت 2070 حالة اعتقال، وكذلك كانت أعلى نسبة في اعتقال النساء خلال شهر تشرين الأول وبلغت 66، فيما كانت أعلى نسبة في اعتقال الأطفال خلال شهر نيسان وبلغت 146، وهي نسبة مقاربة جدًا لعدد حالات الاعتقال بين صفوف الأطفال خلال شهر تشرين الأول وبلغت 145، وكانت أعلى محافظة في أعداد حالات الاعتقال خلال 2023 في محافظة القدس 3261، تليها محافظة الخليل التي شهدت أعلى نسبة في أعداد الأسرى بعد السابع من تشرين الأول بـ1943 حالة، وجنين بـ1462.

حصيلة مقاربة لعامي 2001-2002

وأكدت مؤسسات الأسرى الفلسطينية أنّ الحصيلة هي مقاربة لعدد حالات الاعتقال التي نفذت ما بين عامي 2001-2002 أي خلال السنوات الأولى لانتفاضة الأقصى مع الإشارة مجددًا إلى أنّ عدد حالات الاعتقال لم تشمل أسرى غزة بعد السابع من تشرين الأول، ولا تعكس فقط الارتفاع في أعداد من تعرضوا للاعتقال، بل إنها تشكّل بذاتها شهادة حيّة لمستوى التوحش الذي يمارسه الاحتلال بحقّ الأسرى الفلسطينيين، وعائلاتهم.

ويبلغ إجمالي عدد الأسرى في سجون الاحتلال حتى نهاية شهر كانون الأول الماضي 8800، من بينهم أكثر من 80 أسيرة في سجن (الدامون) فقط فيما لم يتسن لمؤسسات الأسرى التأكد من بقية النساء المعتقلات من غزة والمحتجزات في معسكرات أخرى، فيما لم تتوفر حصيلة دقيقة للأطفال في السجون، ويبلغ عدد الإداريين 3291، ما يعني أن إجمالي عدد المعتقلين زاد بـ 3550 أسيرا عن عدد المعتقلين في السجون ما قبل السابع من تشرين الأول، كما أن عدد الإداريين زاد 1971 معتقلا.

وشكلت جريمة الاعتقال الإداريّ التّحوّل الأبرز من حيث التصاعد الكبير في أعداد المعتقلين الإداريين حيث بلغت أوامر الاعتقال الإداريّ منذ مطلع عام 2023، أكثر من 5500 أمرًا، بينها 3819 جديدة و1689 تجديد، وكان عدد الأوامر الصادرة بعد السابع من تشرين الأول أكثر من 2670 أي ما نسبته نحو 49% من عدد الأوامر الصادرة خلال العام.

ومنذ عقود تستخدم سلطات الاحتلال سياسة الاعتقال الإداري التعسفي كسياسة من سياسات القمع والسيطرة بحق الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويلجأ الاحتلال لاعتقال المئات من الفلسطينيين تحت مسمى الاعتقال الإداري دون تقديم تهم أو لوائح اتهام بحجة ما تسميه “بالملف السري”، وهي بذلك تحرم المعتقلين من حقهم في الدفاع عن أنفسهم وتحرمهم من أدنى ضمانات المحاكمات العادلة.

ومع تصاعد عدوان الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين في كافة أماكن تواجدهم، ترى مؤسسات الأسرى الفلسطينيين أن الاعتقال الإداري طال مختلف الشرائح والفئات العمرية، واستهدف الاحتلال في حملاته الواسعة الصحفيين والأسرى المحررين والناشطين وحتى كبار السن والأطفال والنساء، ومن بين أكثر من 5500 معتقل اعتقلهم الاحتلال منذ السابع من تشرين الأول تم تحويل الغالبية منهم إلى الاعتقال الإداري.

ويلجأ الاحتلال عادة وفي كل عدوان على قطاع غزة وخلال الاجتياحات إلى استخدام سياسة الاعتقال الإداري بشكل واسع النطاق ضمن حملات اعتقال واسعة في مختلف محافظات وقرى ومخيمات الضفة الغربية باعتبارها أسهل وسيلة لزج أكبر عدد من الفلسطينيين داخل السجون ومنعهم من ممارسة أي شكل من أشكال النضال، وبالعودة إلى التاريخ، نجد أنه وخلال اجتياح الاحتلال لمدن الضفة الغربية إبان اندلاع انتفاضة الأقصى 2002 وصل عدد المعتقلين الإداريين نحو 2500 معتقل إداري خلال شهري آذار ونيسان فقط، ضمن حملات الاعتقالات التي اعتادت سلطات الاحتلال على شنها مع أي انتفاضة أو عدوان، أيضًا خلال عدوان عام 2014 البري الذي شنته قوات الاحتلال على قطاع غزة شنت سلطات الاحتلال حملات اعتقال واسعة في الضفة اعتقلت أكثر من 1500 فلسطيني من مدن وقرى الضفة، منهم نحو 500 تم تحويلهم إلى الاعتقال الإداري التعسفي، وهذا ما يدلل على استخدام الاحتلال الاعتقال الإداري كسياسة لإسكات صوت الفلسطينيين.

50 صحفيا

أما على صعيد أعداد الصحفيين المعتقلين في سجون الاحتلال فقد بلغ عددهم 50 بينهم صحفية، وكانت النسبة الأعلى في اعتقال الصحفيين بعد السابع من تشرين الأول، وبلغ عدد حالات الاعتقال 49، منهم 35 أبقى الاحتلال على اعتقالهم، و20 منهم جرى تحويلهم إلى الاعتقال الإداريّ، فيما يواجه جزء منهم تهمًا تتعلق بالتحريض على مواقع التواصل الاجتماعي.

ويبلغ عدد الأسرى القدامى المعتقلين بشكل متواصل منذ ما قبل توقيع اتفاقية أوسلو 22 أقدمهم الأسير محمد الطوس المعتقل منذ عام 1985، وإلى جانبهم 11 أسيرا من محرري صفقة 2011 المعاد اعتقالهم، وهم ممن واجهوا الاعتقال منذ ما قبل توقيع اتفاقية أوسلو، وجرى الإفراج عنهم عام 2011 ثم أعيد اعتقالهم عام 2014 وأعيدت لهم أحكامهم السابقة، وأبرزهم الأسير نائل البرغوثي الذي أمضى ما مجموعه في سجون الاحتلال 44 عامًا.

10 شهداء

وبلغ عدد شهداء الحركة الأسيرة خلال العام الماضي 10 شهداء، كان أول من ارتقى خلال عام الشهيد الأسير والجريح وديع أبو رموز من القدس الذي ارتقى في مستشفى (هداسا) وكان ذلك في شهر كانون الثاني 2023، والشهيد الثاني أحمد أبو علي من مدينة يطا الذي ارتقى في مستشفى (سوروكا) في العاشر من شباط 2023 بعد تعرضه لجريمة طبيّة، وكان من بين شهداء الحركة الأسيرة الشهيد خضر عدنان من جنين، والذي أقدم الاحتلال على تصفيته، بعد إضراب خاضه، رفضًا لاعتقاله التعسفي، واستمر لمدة 86 يومًا وارتقى في الثاني من أيار 2023، فيما ارتقى 6 أسرى داخل سجون الاحتلال بعد السابع من تشرين الأول وحتى نهاية عام 2023 وهم: (عمر دراغمة من طوباس، وعرفات حمدان من رام الله، وماجد زقول من غزة، وشهيد رابع لم تعرف هويته، وعبد الرحمن مرعي من سلفيت، وثائر أبو عصب من قلقيلية)، علمًا أن إعلام الاحتلال كشف عن معطيات تشير إلى استشهاد معتقلين آخرين من غزة في معسكر (سديه تيمان) في (بئر السبع)، والاحتلال يرفض الكشف عن أي معطى بشأن مصير معتقلي غزة.

ويشار إلى أنّ 17 شهيدًا من شهداء الحركة الأسيرة يواصل الاحتلال الإسرائيلي احتجاز جثامينهم حتى نهاية 2023، من بينهم 8 شهداء ارتقوا خلال العام 2023.

وبذلك فإن عدد شهداء الحركة الأسيرة منذ عام 1967 حتى نهاية عام 2023، بلغ (243).

اعتقال النساء

واصل الاحتلال الإسرائيليّ استهداف النساء الفلسطينيات، من خلال حملات الاعتقال الممنهجة، والتي طالت منذ مطلع العام الماضي 300، حيث تعرضت النساء لعمليات تعذيب وتنكيل وضرب مبرح، وتهديدات وصلت إلى حد التهديد بالاغتصاب، واستخدامهن كرهائن للضغط على أحد أفراد العائلة لتسليم نفسه، إلى جانب تعرضهن للتفتيش العاري والمذل، عدا عن الإساءة لهن لفظيا وشتمهن بألفاظ نابية وبذيئة، وهذا ما عكسته غالبية الشهادات التي تابعتها المؤسسات، وقد تصاعدت الجرائم والانتهاكات بحقّ النساء بعد السابع من تشرين الأول مع تصاعد حالات الاعتقال بين صفوفهنّ، حيث بلغ عدد حالات الاعتقال للنساء بعد هذا التاريخ 184، ولم تقتصر هذه الجرائم على النساء اللواتي استهدفن عبر الاعتقال، وإنما طال ذلك زوجات المعتقلين وأمهاتهم، وشقيقاتهم، بالتهديد والضرب المبرح، ومنهن من أصبن بإصابات جسدية جرّاء ذلك عدا عن الآثار النفسية التي أثقلت النساء جراء ذلك.

وفي ضوء المعطيات الخطيرة التي ارتبطت بواقع سياسة اعتقال النساء، فقد عكست هذه المعطيات، تعمد الاحتلال باستهداف أجساد النساء، من خلال التعذيب والتنكيل، والتفتيش العاري، وإجبارهن على خلع الحجاب، وحرمانهنّ من احتياجاتهن الأساسية، واحتجازهن في ظروف قاسية ومأساوية في السجون والمعسكرات، وهنا نشير إلى العشرات من نساء غزة اللواتي اعتقلن خلال الاجتياح البري لغزة، ويفرض الاحتلال عليهن جريمة (الإخفاء القسري).

اعتقال الأطفال

واستمر الاحتلال في استهداف الأطفال خلال عام 2023، عبر سياسة الاعتقال الممنهجة، والتي طالت خلال العام 1085 طفلًا/ة منهم 355 جرى اعتقالهم بعد 7 من تشرين الأول، فقط شكّل هذا العام امتدادًا لمجمل الجرائم الّتي انتهجها الاحتلال بحقّ الأطفال من عمليات تعذيب وتنكيل، وإطلاق النار عليهم، واستخدامهم كرهائن، واحتجازهم لاحقًا في السجون والمعسكرات في ظروف قاسية ومأساوية، ويأتي هذا في إطار استهداف أوسع لوجود الأطفال الفلسطينيين، في ظل الإبادة الجماعية المتواصلة في غزة.

وتركز استهداف الأطفال بشكل أساس في القدس حيث بلغ عدد حالات الاعتقال بين صفوف الأطفال فيها 696، إضافة إلى بعض المخيمات والبلدات التي تقع في مناطق تماس مع جنود الاحتلال.

ولم يستثنّ الاحتلال الأطفال من عمليات الاعتقال الإداريّ، الّتي شكلت التّحوّل الأبرز والأهم على صعيد أعداد المعتقلين ومصيرهم، وبلغ عدد الأطفال المعتقلين إداريًا، خلال العام الماضي، 40 جرى الإفراج عن جزء منهم واليوم تبقى في سجون الاحتلال ما يقارب الـ20 طفلًا معتقلا إداريا.

الإخفاء القسري

منذ بدء العدوان والاجتياح البري في قطاع غزة، بدأ الاحتلال بتنفيذ حملات اعتقال جماعية بحق المدنيين في مراكز الإيواء والمدارس والمنازل والممرات الآمنة، واعتقل المئات بشكل همجي وغير مسبوق، ويقوم جيش الاحتلال بنشر صور ومقاطع فيديو تظهر المعاملة غير الإنسانية بحق المعتقلين، ولغاية الآن يتكتم على مصيرهم وأعدادهم، ويمنع المحامين والصليب الأحمر من زيارتهم، وهو ما يعتبر ضمن جريمة الإخفاء القسري بحسب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

ووفقًا للمعلومات الضئيلة التي وردت من خلال شهادات لمعتقلين جرى الإفراج عنهم، فإن المعتقلين يعيشون ظروفًا هي الأقسى داخل سجون الاحتلال، حيث يجردون من ملابسهم، ويتم تكبيل أيديهم طوال الوقت، ويتعرضون لجرائم طبية، وأكد المعتقلون في سجن عوفر من خلال زيارتهم أن الاحتلال يحتجز المئات من أسرى قطاع غزة في قسم 23، ويسمعون أصوات صراخهم جراء التعذيب والتنكيل بهم، إضافة إلى سماعهم لأصوات عواء الكلاب التي تنهش أجسادهم.

يذكر أن الاحتلال كان قد أعلن عن ارتقاء اثنين من معتقلي قطاع غزة خلال شهر تشرين الثاني، تم الكشف عن هوية أحدهم وهو الأسير الشهيد أحمد زقول، وأسير آخر من القطاع لم تفصح سلطات الاحتلال عن اسمه وتفاصيل ارتقائه لغاية الآن.

وحسب ما تبين من خلال الإعلام العبري، فإن سلطات الاحتلال تحتجز المئات من المعتقلين أيضًا في معسكر “سديه تيمان” قرب بئر السبع بأراضي عام 1948، ومعسكر “عناتوت” قرب مدينة القدس المحتلة، والذي تحتجز فيه عددًا من النساء والأطفال وعشرات من المعتقلين الرجال.

وبحسب رصد مؤسسات الأسرى، فإن أكثر من 40 معتقلة من قطاع غزة يتواجدن في سجن الدامون بينهن طفلات وأمهات ومسنات، منهن معتقلة مسنة تجاوزت سن الثمانين وتعاني من الزهايمر، وتعزل الأسيرات في سجن الدامون عن باقي الأسيرات في الغرف الأخرى وعن العالم الخارجي من خلال منعهن من لقاء المحامين، وتقدم لهن كميات طعام ضئيلة جدًا وبنوعيات رديئة، إضافة إلى الاقتحامات المتكررة والتنكيل بهن، جرى نقل 5 أسيرات منهن إلى جهة ما زالت مجهولة.

الإعدامات الميدانية

وشكّلت جريمة الإعدامات الميدانية أبرز الجرائم التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيليّ، والتي تصاعدت بشكل خاصّ بعد الاجتياح البري لغزة، ولم يتسنّ للمؤسسات الحقوقية تقدير أعداد من أعدموا ميدانيًا، كما واصل الاحتلال تنفيذها في الضّفة التي شهدت تصاعدا كبيرا في هذه الجريمة منذ عامين.

وخلال عام 2023، نفّذ الاحتلال العديد من عمليات الإعدام الميداني خلال حملات الاعتقال، والتي استهدفت أفرادًا من عائلات المعتقلين، وفي ضوء العديد من المعطيات التي تتصاعد تحديدًا فيما يتعلق حول مصير معتقلي غزة، فإنّ التخوفات من تنفيذ إعدامات بحقّ معتقلي غزة الذين يتعرضون للإخفاء القسري تتصاعد وبشكل كبير.

القدس تتصدر

وبلغت حالات الاعتقال في القدس للعام الماضي، 3261 من بينهم 696 طفلًا و165 من النساء والفتيات، لتشكل هذه النسبة الأعلى مقارنة مع بقية محافظات الضّفة، منها 987 حالة اعتقال، سجلت بعد السابع من تشرين الأول، فيما بلغ عدد الأوامر الإدارية الصادرة بحقّ أسرى مقدسيين 80 أمرًا، كما واستمر الاحتلال بتنفيذ سياسة الحبس المنزلي بحق المقدسيين، كإحدى أبرز السياسات التي انتهجها الاحتلال في القدس بشكل خاصّ.

وكانت أعلى نسبة في حالات الاعتقال في القدس خلال شهر نيسان/ 14 رمضان، حيث سجل في هذا التاريخ اعتقال 440 شخصًا من داخل المسجد الأقصى، بعد ضربهم والتنكيل بهم، والعشرات من المعتقلين أصيبوا بأعيرة مطاطية وشظايا قنابل أو هراوات، وكسور.

وشهدت القدس، جملة من السياسات الممتدة بحقّ أسرى سابقين، كان من أبرزها إعادة اعتقال من يتم الإفراج عنهم، وفرض شروط بحقّهم، كان من أبرزها الإبعاد عن القدس، وعن منطقة السكن، ومنع مظاهر الاحتفاء بالحرية، وفي إطار استهداف الأسرى السابقين، فقد أعلن الاحتلال عن نيته سحب (الهوية الإسرائيلية) من أسيرين مقدسيين، كما ونفّذت قوات الاحتلال عشرات الاقتحامات لعائلات الأسرى المقدسيين، بهدف الحجز على مخصصاتهم من السلطة الفلسطينية، حيث استند قرار الاحتلال على قانون ما يسمى (بمكافحة الإرهاب عام 2016).

وبلغت أوامر الإبعاد التي صدرت بحقّ المقدسيين 1105، شملت “إبعاد عن القدس، البلدة القديمة، الأقصى، مناطق السكن، شوارع القدس، الضفة الغربية”، وبحسب القرار، فإنه سيتم الحجز على أموال الأسرى أو ممتلكات بقيمة الأموال المفروضة عليهم، حتى يتم تسديد المبلغ المفروض على كل أسير بالكامل، وتنوعت الأموال المحتجزة بين نقدية وعينية، منها حصالات أطفال ومصاغ من الذهب والفضة ومقتنيات وألعاب ومركبات ودراجات نارية، إضافة إلى الحجز على الحسابات البنكية لعشرات الأسرى وعائلاتهم.

قوانين وتعديلات جديدة

ومنذ بداية عام 2023 باشرت حكومة الاحتلال بسن سلسة من القوانين التي استهدفت الأسرى للتنكيل بهم وقد طالت عائلاتهم وأموالهم، وأصدرت مجموعة من الأوامر العسكرية والتعديلات على القوانين والتي كان من ضمنها التعديل على قانون السجون والذي خرق قرار المحكمة الإسرائيلية بتحديد حد أدنى للمساحة المعيشية لكل أسير والتي أقرتها المحكمة بـ 4.5 متر مربع، وسمح القرار لإدارة السّجون بعدم الالتزام بمساحة العيش المقررة لكل أسير، وذلك حسب ظروف الزنازين ومساحاتها، ونص على إمكانية احتجاز الأسرى بدون سرير في الحالات التي لا يمكن توفير السرير ولأقصر مدة ممكنة، الأمر الذي انعكس على الأسرى؛ وأصبح هناك اكتظاظ كبير في الزنازين، إضافة إلى نوم الأسرى على الأرض.

إضافة إلى ذلك، فقد أصدر ما يسمى بالحاكم العسكري أو (بقائد المنطقة) أمرًا عسكريًا مؤقتًا رقم 2148 فيما يخص الاعتقال الإداري؛ حيث تم تمديد مدة إصدار أمر الاعتقال من 72 ساعة إلى 6 أيام، أما المراجعة القضائية لأوامر الإداري تم تمديدها من 8 أيام لتصبح 12 يوما.

ومن بين الإجراءات الأخيرة، عمل الاحتلال على تفعيل المادة 33 من الأمر العسكري رقم 1651، والتي تنص على إجراءات الاعتقال “في حملة عسكرية لمواجهة الإرهاب” والتي تتيح اعتقال الشخص لمدة 8 أيام قبل عرضه على المحكمة بدلًا من 96 ساعة، بحيث يمنع تلقائيًا من لقاء محاميه لمدة يومين.

أما فيما يتعلق في الأسرى الذين اعتقلتهم سلطات الاحتلال من قطاع غزة يتم احتجاز غالبيتهم بناء على قانون المقاتل غير الشرعي 2002 والذي خضع للعديد من التعديلات منذ بداية العدوان، كان آخرها بتاريخ 18/12/2023 حيث صدر تعديل يتم من خلاله استبدال مدة إصدار أمر الاعتقال من 21 يومًا إلى 45 يومًا، ومدة المراجعة القضائية من 30 يوما إلى 75 يوما، وتم التعديل على منع لقاء المحامي بدون أمر المحكمة حتى وصلت إلى 75 يومًا، وأما بخصوص تعديل منع لقاء المحامي من قبل قاضي وصل حتى 180 يومًا.

وشهد العام الماضي تحوّلات كبيرة جدًا بدأت منذ تولي الحكومة الأكثر تطرفًا على الإطلاق في تاريخ دولة الاحتلال الإسرائيليّ، وحتى شهر أيلول عام 2023، ونفّذ الأسرى خطوات احتجاجية شاملة في كافة السّجون، ردًا على الإجراءات التي أعلن عنها الوزير المتطرف بن غفير، والتي هدف منها، سلب الأسرى ما تبقى لهم من حقوق، وقد مسّت هذه الإجراءات أبسط حقوق الأسرى، بدءًا من المدة المسموح للأسرى الاستحمام فيها، وكمية المياه التي تصل إلى أقسامهم، عدا عن التصاعد في سياسة الاقتحامات المتكررة لأقسام الأسرى، وقمعهم، وعزلهم، وفرض عقوبات بحقّهم، منها الغرامات المالية، والحرمان من زيارة العائلة، وكذلك الحرمان من (الكانتينا)، وهذه الإجراءات طالت كافة الأسرى بما فيهم الأسيرات والأطفال.

وبحسب مؤسسات الأسرى الفلسطينية فإنّ التصاعد الحاصل في مستوى الجرائم بعد السابع من تشرين الأول، كان ممهدًا له بقرار من أعلى سلطة لدى دولة الاحتلال والتي حرضت بشكل واضح وعلني على قتل الأسرى وإعدامهم وتمرير قوانين عنصرية تمس مصير الأسرى، وعملت إدارة السّجون بكل ما تملك من أدوات وسياسات لفرضها على الأسرى، وتمكّن الأسرى بالحد الأدنى من مواجهة هذه الإجراءات، واستمرت محاولاتهم حتّى آخر يوم قبل السابع من تشرين الأول، ومع بداية العدوان المستمر منذ السابع من تشرين الأول، بدأت سلطات الاحتلال وإدارة سجونها، بتضييق الخناق والانتقام من المعتقلين داخل السجون، ورغم كل التضيقات التي أجرتها سلطات الاحتلال بحق الأسرى منذ استلام الحكومة الجديدة، إلا أن القمع والتوحش قد بلغ ذروته منذ السابع من أكتوبر، حيث بدأ الاحتلال بقمع الأسرى وتعذيبهم، وسجلت العشرات من الإصابات بين صفوف الأسرى والأسيرات الذين تعرضوا للاعتداء من قبل وحدات القمع، وتنوعت سبل التنكيل منذ ذلك التاريخ بين تعطيش وتجويع، إضافة إلى سحب كل مستلزمات الحياة الأساسية والإبقاء على الحد الأدنى منها، وعزلتهم عن العالم الخارجي لغاية اليوم، وقامت بزّج العشرات من المعتقلين في غرف صغيرة لا تتسع لهذه الأعداد، ومع دخول فصل الشتاء والبرد القارس اشتدت داخل السّجون، وتركزت عمليات التّعذيب والتّنكيل في سجن (النقب) الذي كان شاهدًا على عمليات التعذيب والتنكيل، وكذلك سجون (جلبوع، مجدو، وعوفر)، ومنعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر من تنفيذ أي زيارة للسجون بالتزامن مع إيقاف الزيارات العائلية بشكل مطلق.

تصاعد الجرائم الطبيّة

ولم تتوقف إدارة سجون الاحتلال عن تنفيذ جرائم طبيّة بحقّ الأسرى المرضى، من خلال المماطلة في تقديم العلاج اللازم لهم، والتي تشكّل أبرز أدوات هذه الجريمة، عدا عن احتجاز المرضى في ظروف لا تناسب أوضاعهم الصحيّة، وشكّلت الجرائم الطبيّة على مدار السنوات الماضية أبرز الجرائم التي أدت إلى استشهاد أسرى في سجون الاحتلال الإسرائيليّ، إلا أنّه وبعد السابع من أكتوبر وكما كل الجرائم الثابتة التي انتهجها الاحتلال على مدار عقود طويلة، فقد صعّد من الجرائم الطبيّة، واتخذت هذه الجريمة عدة مستويات بعد السابع من أكتوبر منها: توقف إدارة السّجون عن نقل الأسرى المرضى الذين يحتاجون إلى متابعة حثيثة، كما توقفت عن نقل الأسرى إلى المستشفيات، وحرمتهم من الخروج حتى إلى (عيادة السجن)، وتعمدت بعدم تقديم العلاج للمئات من الأسرى والمعتقلين الذي تعرضوا لعمليات تنكيل وتعذيب، وتركتهم دون أي علاج، رغم إصاباتهم، وهذا ما عكسته عشرات الشهادات لمعتقلين أفرج عنهم، وتعرض العديد من المرضى لعمليات قمع ونقل وتنكيل، وضيّقت إدارة السجون على عمل الطواقم القانونية بشكل مضاعف، في متابعة العديد من الملفات الطبيّة الخاصة بأسرى مرضى بأمراض مزمنة، وتمت مصادرة أجهزة طبيّة من بعض الأسرى، كالنظارات والعكازات، وفي ضوء هذه المعطيات فإن أعداد الأسرى المرضى والجرحى تتصاعد مع عمليات التنكيل والتعذيب المستمرة، إلى جانب سياسة التجويع التي ألقت بثقلها على واقع الحياة الاعتقالية للأسرى.

وطالبت مؤسسات الأسرى الدول السامية الموقعة على اتفاقيات جنيف بضرورة الضغط على دولة الاحتلال لوقف عدوانها بحق المعتقلين الفلسطينيين.

كما طالبت بتشكيل لجنة تحقيق دولية محايدة ومستقلة للتحقيق في الجرائم المرتكبة بحق المعتقلين الفلسطينيين منذ تاريخ السابع من تشرين الأول، والضغط في سبيل وقف جريمة الاعتقال الإداري المتصاعدة.

ودعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى تحمل مسؤولياتها باعتبارها الجهة الدولية المخولة بالاطلاع على وضع المعتقلين الفلسطينيين وزيارتهم في أماكن احتجازهم وإبلاغ عائلاتهم بمكان تواجدهم وظروف اعتقالهم، إضافة إلى زيارة السجون للاطلاع على وضع الأسرى بعد الانتهاكات التي طالتهم.

شاهد أيضاً

إسرائيل تعزز تحصيناتها الأمنية على الحدود مع الأردن بإقامة حواجز رملية

قامت إسرائيل بتعزيز تحصيناتها الأمنية على الحدود مع الأردن من خلال إقامة حواجز رملية، وذلك …