الجمعة , سبتمبر 20 2024

الكواكب التي تشبه الأرض “نادرة جداً”

لا يمثّل اكتشاف الفضاء جزءاً من إشباع فضول الإنسان وحسب. إنّه، وفي إحدى النواحي، بحث عمّا يعكس تصوّرات الإنسان وأمانيه في الفضاء السحيق. يسعى الإنسان إلى العثور عمّا يشبهه هناك، عن الحياة أولاً. والبحث عن الحياة يقتضي إيجاد البيئة الصالحة لها، بيئة تشبه الأرض.

ثمّة بحث عن كوكب تغمره المياه إلى حدّ كبير، كما هي الحال مع كوكب الأرض الذي تغطيه المحيطات بنسبة تقارب 70%. لكنّ هذا البحث قد يصطدم بحقائق صعبة تظهرها نماذج عمليّة حديثة.

إنّ الكواكب التي تشبه الأرض من حيث نسبةُ اليابسة إلى المحيط قد تكون نادرة للغاية. هي قد تشكل 1% فقط من العوالم الصخرية في المناطق التي تدور حول النجوم.

إنّ نحو 80% من العوالم التي يحتمل أن تكون قابلة للحياة تهيمن عليها اليابسة تماماً، ونحو 20% عوالم تهيمن عليها المحيطات بشكل بحت، وفقاً لدراسة جديدة عُرضت في “مؤتمر العلوم الأوروبية” في إسبانيا بين 18 و 23 سبتمبر، وقد سلّط الضوء عليها مراقب شؤون الفضاء والكاتب في موقع “سبَيس” كيث كوبر.

لقد توصّل الباحثون إلى هذه الخلاصة عبر نمذجة العلاقة بين الماء على وشاح الكوكب وإعادة تدوير الكوكب للأرض القارية عبر الصفائح التكتونية.

قال نائب مدير “المعهد الدولي للعلوم والفضاء” في سويسرا وعضو فريق الأبحاث تيلمان سبوهن في بيان إنّه “من المغري افتراضُ أنّ أرضاً ثانية ستكون تماماً مثلَ أرضنا، لكنّ نتائج نمذجتنا تقترح أنّه من غير المرجح أن يكون هذا هو الحال”.

تشير النتائج إلى أنّ نسبة اليابسة إلى المياه على كوكب الأرض متوازنة بدقة وإلى أنّ هذه النسبة في غالبية الكواكب يمكن أن تنقلب بسهولة إلى يابسة في الغالب أو بحار في الغالب. وخلص سبوهن وشريكه دنيس هونينغ، باحث ما بعد دكتوراه في “معهد بوتسدام لأبحاث التأثير المناخي” في ألمانيا، إلى أنّ الوقت الأكثر احتمالاً لحدوث نقطةِ التحول هذه هو عندما يبرد باطن الأرض إلى درجة قريبة من درجة حرارة وشاح الأرض والتي تبلغ 1410 درجات بالقرب من قشرة الأرض و3700 درجة وسط أعماق أكبر.

مدى قدرة المناطق الواقعة بين حدود الصفائح التكتونية على تدوير المياه فوق الأرض عند درجة حرارة الوشاح هذه، هو الذي يملي ما إذا كانت اليابسة أو المحيطات ستهيمن على هذا الكوكب. وصلت الأرض إلى هذه الظروف منذ مليارين ونصف المليار من السنوات ووجد كوكبنا التوازن الدقيق الذي نعيش فيه اليوم. مع ذلك، وعلى مدى مليارات السنوات، إنّ التوازن الدقيق للأرض غيرُ مستقر، لكنّ البشر لا يلاحظون ذلك لأن وتيرة التغيير صغيرة وفقاً لسبوهن.

يمكن أن تكون الكواكب الأخرى قد وصلت إلى نقطة التحول هذه في وقت أقرب بكثير. وأضاف سبوهن: “في محرك الصفائح التكتونية للأرض، تدفع الحرارة الداخلية النشاط الجيولوجي مثل الهزات الأرضية، البراكين، وبناء الجبال، وتنتج نمو القارات”. من جهة أخرى، “إنّ تآكل اليابسة هو جزء من سلسلة دوراتٍ تتبادل المياهَ بين الغلاف الجوي والداخل. نماذجنا العددية عن كيفية تفاعل هذه الدورات تظهر أنّ أرضنا الحالية قد تكون كوكباً استثنائياً”.

ووجدت أشهر دراسة للكواكب الصخرية أجراها يوتاكا آبي من جامعة طوكيو سنة 2011، أنّ كواكب كهذه يمكن أن تظل صالحة للسكن على مِسافات أبعد بكثير من النجوم بالمقارنة مع العوالم المائية على قاعدة أنها لا تتجمد بسرعة، بالنظر إلى وجود كميات أقل من المياه لتشكل الجليد والثلج. لكنّ دراسة آبي، إلى جانب دراسات أخرى، توافق على خلاصة سبوهن وهونينغ بأنّ الكواكب التي تهيمن عليها اليابسة ستكون أكثر شيوعاً بكثير من تلك التي تشبه الأرض أو تلك الغنية بالمياه.

بالتالي، وعوضاً عن البحث عما سماه كارل ساغان “النقطة الزرقاء الشاحبة” في الفضاء، ربما ينبغي على دارسي الفضاء أن يبحثوا عن المناطق الصالحة للسكن في “النقاط الصفراء الشاحبة” في إشارة إلى الكواكب التي تطغى عليها اليابسة وفقاً لكوبر.

شاهد أيضاً

قناع ذكي يكشف الأمراض عبر فحص التنفس

كشف علماء أمريكيون عن توصلهم إلى ابتكار قناع ذكي منخفض التكلفة، لكنه قادر عن تحليل …