كتب نضال المجالي – لستُ لاعبًا ولستُ ممّن تأسرهُمُ الكرةُ المستديرةُ، ولا أعلمُ أسماءَ أهمِّ لاعبي كرة القدم في العالم ومع أيّ فرق يلعبون، ولكن يعجبني وأهتم بمتابعة أجزاء من مباراة فيها من الفن والتنسيق وجمال الحركة بغض النظر عن اسم الفريق واللاعبين وأي بلد يمثله، وحتى انني عند مشاهدة مباراة يتغير اهتمامي بالتشجيع بين الفريقين لذات المباراة حسب أداء كل فريق، كوني لم أكن يوما ما مشجعا لمنتخب أو فريق محدد في أي بلد كان، ولكن عند متابعة مباراة للمنتخب الأردني لكرة القدم مع فريق من دولة أخرى أجد نفسي أمام نوع مختلف من الاهتمام والتفكير، لينتقل من مستوى التفكير بجمالية المشهد واللعب إلى أهمية وجود أشخاص سجلوا أنفسهم إلى جانب أقرانهم من أعضاء المنتخب ركيزة أساس في استقطاب القلوب وجمع الأفراد وتآلف الأضداد بمختلف أهوائهم، ليهتفوا باسم الأردن بقلب رجل واحد.
بناء وحدة الصف وبناء لبنة في حصن أسوار الوطن أول ما أجدها في العامة من غير أصحاب الاختصاص والمسؤولية والمساءلة في لاعبي المنتخب الوطني الأردني لكرة القدم وليس غيرهم، أجد في سلوكهم وعملهم الحرص لإنجاز فرحة وتوحيد العامة من أغلب الشعب إن لم يكن كله في دور هو بعيد كل البعد عن التنظير أو المنافسة لمنصب أو البناء لمصالح على حساب الوطن، يدخلون الملعب وهم يحملون ثقل إرضاء اسم وطن ومشجعين من أطياف مختلفة ممن علّقوا فرحهم وحماسهم ووجهوا أعينهم وأفئدتهم لمشاهدة هدف فوز في مرمى الخصم لا أكثر، لاعبون محترفون في ملعبهم، يلعبون بصدق وعزيمة وطاقة هي الأقصى، يلعبون بشرف ومهنية وتنسيق فريق مشترك، يلعبون كتلة واحدة يُسجّل النصر في أدائهم باسم الوطن وليس بأسمائهم منفردين، ونتحدث في فوزهم أياما من الفرح أطول من أيام العيد، وتهزنا أيام الهزيمة لكن هم أسرع من يعيدون الفرح فينا، يترقب الجميع موعد لعبهم، ويتابع الجميع تحركاتهم، ويهتف الكل بأسمائهم حبا وعشقا وتقديرا لا تملقا وتقربا وتطبيلا.
الدعم والمكانة والاهتمام هو ما يستحقه المنتخب الوطني الأردني لكرة القدم، فهم نخبة ممن يجمعون الصف ويبنون البنيان والثقة ويعززون هتافات وحب أهل الوطن للوطن، لا من يجمعون الأقران من أهل الخراب والفتنة في الهتاف عليه في الساحات والميادين والغرف المغلقة، نعم؛ فلاعبونا هم أجمل صناع الأمل، وأسرع مفاتيح الفرح، وأبرز الأصدق في بناء الألفة لأجل الوطن، وأكرر أنني أتحدث عن أشخاص من العامة لا المسؤولين، فلكل دور ومكانة، ولكل محبون وأتباع، ولكل مهام ووظيفة، ولكن في الرياضة المحبة للوطن الفائز بمباراة، نعم؛ ما يستحقونه هو أن نثني كل يوم على أدائهم، ونعلو شأناً بدورهم، ونؤكد استمرار دعمهم ربحا وخسارة، فربحهم وقوفنا خلفهم، وخسارة مباراة لا يعني نكرانهم فهم جنود من العامة بأمل كبير، وهم الأولى أن تطبع قمصان بأسمائهم وأرقامها، وهم الأولى في أن يعلم أبناؤنا أن قمصانهم ولبسها أجل من قمصان وأسماء لاعبين أجانب لم يقدموا لنا شيئا، سواء في المعلب المستطيل أو الأكبر منه في الحياة، وسبقت الابنة البكر لولي العهد ابنة الثلاثة أشهر الأميرة إيمان بنت الحسين الجميع بذلك فلبست قميص المنتخب قبل أيام، نعم لاعبونا هم أنقى في الغاية والهدف، فهم من نتابع نتائجهم أكثر من متابعتنا لتسعيرة المشتقات النفطية الشهرية، أو قائمة المواد الخاضعة للضريبة أو المعفية، أو حتى نتائج سير العمل في رؤى التحديث الثلاث السياسي والاقتصادي والإداري، فنتائج لاعبي منتخبنا نتابعها مباشرة ونعيد اللقطات مرارا وتكرارا بشفافية ووضوح، ونتائج غيرها نسمعها بيانات لم تكن ولو لمرة واحدة سببا للهتاف لها والتغني بها، بل نعجل في نسيانها ومحاولة تجاوز آثارها.- شكلي غيّرت المحطة-. المهم لنجعل للجميع من العامة دورا ليكون لبنة أساس في حماية وبناء الوطن، ولنكن جميعا كما هم لاعبو المنتخب الوطني نقضي الوقت كله فريقا واحدا في ملعب الحياة سعيا للفوز باسم الوطن أو تحقيق الرضا في الأداء حتى لو كان في وقت مستقطع أو أشواط إضافية.