الإثنين , ديسمبر 23 2024

الحرب الأوكرانية تدخل شهرها الثاني والغرب يكثف الضغط على روسيا

بدأ زعماء غربيون التجمع في بروكسل لبحث مزيد من الإجراءات الرامية للضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لوقف حملته المستمرة منذ شهر.

وقال بوتين، ردا على العقوبات الغربية التي ألحقت أضرارا جسيمة بالاقتصاد الروسي وجمدت أصول بلاده، إن موسكو تخطط لتحويل مدفوعات إمدادات الغاز إلى الدول “غير الصديقة” للروبل في خطوة أثارت انزعاج الأسواق الدولية.

وفي مؤشر على حدوث تصدعات في صفوف موسكو، قال مصدران إن أناتولي شوبيس أحد مساعدي بوتين المخضرمين استقال بسبب حرب أوكرانيا وغادر روسيا بلا نية للعودة، ليكون بذلك أول مسؤول بارز يختلف مع الكرملين منذ شن بوتين الحرب في 24 شباط/فبراير.

وعلى الرغم من تعثر القوات الروسية في بعض المناطق وإحباط المقاومة الأوكرانية آمالها في تحقيق نصر سريع، إلا أن المدفعية والطائرات الحربية الروسية واصلت قصفها للعديد من المدن بينما احتمى المدنيون بملاجئ تحت الأرض.

تقول كاترينا متكيفيتش (38 عاما) التي وصلت إلى الحدود البولندية مع طفلها بعد أن فرا من القصف العنيف على مدينة تشيرنيهيف شرقي أوكرانيا “لم أشهد من قبل مثل هذه الوحشية” وأشارت إلى أن المدينة “دُمرت عن آخرها”.

ووصل الرئيس الأميركي جو بايدن الأربعاء، إلى بروكسل لحضور قمة طارئة مع زعماء حلف شمال الأطلسي وأوروبا بشأن أوكرانيا في مقر الحلف الخميس.

ومن المتوقع أن يفرض القادة عقوبات إضافية على روسيا. وقال الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرج في مؤتمر صحفي إنهم سيوافقون أيضا على تعزيز القوات على الجناح الشرقي للحلف.

ومع ذلك، شدد ستولتنبرج على أن الحلف لن يرسل قوات إلى أوكرانيا.

وقال “من المهم للغاية تقديم الدعم لأوكرانيا ونحن نعزز هذا التوجه. ولكن في الوقت نفسه من المهم للغاية أيضا منع هذا الصراع من أن يتحول إلى حرب شاملة بين الحلف وروسيا”.

وقال مكتب رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إنه أبلغ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مكالمة هاتفية أنه سيستغل الاجتماع للدفع في اتجاه زيادة الأسلحة الفتاكة المقدمة لأوكرانيا.

وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان إن واشنطن ستعلن حزمة من العقوبات على شخصيات سياسية وأعضاء النخبة الحاكمة في روسيا.

وأضاف أن قادة مجموعة السبع سيوافقون أيضا على التنسيق بشأن تطبيق العقوبات.

الدول “غير الصديقة”

أدى إعلان بوتين عن قيام روسيا بتحويل بعض مدفوعات الغاز إلى الروبل إلى ارتفاع العقود الآجلة الأوروبية وسط مخاوف من أن يؤدي هذا التحول إلى تفاقم أزمة الطاقة وعرقلة الصفقات التي تصل قيمتها إلى مئات الملايين من الدولارات كل يوم.

وتزود روسيا نحو 40% من حجم احتياجات أوروبا من الغاز.

ووضعت موسكو قائمة بالدول “غير الصديقة” والتي تضم البلدان التي فرضت عقوبات عليها، ومن بينها الولايات المتحدة وأعضاء الاتحاد الأوروبي وبريطانيا واليابان ودول أخرى.

وقال بوتين في اجتماع مع وزراء الحكومة جرى بثه على التلفزيون إن روسيا ستواصل توريد الغاز الطبيعي بما يتماشى مع العقود المبرمة سابقا.

وقال “التغييرات ستؤثر فقط على عملة الدفع والتي ستتغير إلى الروبل الروسي”.

وكان بوتين قد أرسل قواته إلى أوكرانيا في 24 شباط/فبراير فيما أسماه “عملية عسكرية خاصة” لنزع سلاح هذا البلد. ويقول الغرب إنها حرب عدوانية تهدف إلى إعادة تأكيد نفوذ روسيا على الجمهورية السوفيتية السابقة.

لكن رغم إراقة الدماء على مدى شهر كامل، أخفقت القوات الروسية في السيطرة على أي مدينة أوكرانية كبرى بينما أدت العقوبات الغربية إلى إبعاد موسكو عن الاقتصاد العالمي.

وعلى الرغم من أن الكرملين يقول إن العملية تسير كما هو مخطط لها، تكبدت القوات الروسية خسائر فادحة وتجمدت في مواقعها منذ أسبوع على الأقل على أغلب الجبهات، بينما تواجه مشكلات في الإمداد ومقاومة شرسة.

وتحولت القوات الروسية لاتباع أساليب الحصار وقصف المدن مما تسبب في دمار واسع ومقتل كثير من المدنيين.

ودفعت الحرب نحو ربع سكان أوكرانيا البالغ عددهم 44 مليون نسمة للفرار من منازلهم.

وقال رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو للصحفيين الأربعاء، إن 264 مدنيا لقوا حتفهم في هجمات روسية. وسُمع دوي القنابل المتساقطة في الخلفية أثناء حديثه. لكن القوات الأوكرانية استعادت السيطرة على بلدتي ماكاريف وإيربين المجاورتين من القوات الروسية، على حد قوله.

وقال كليتشكو في وقت لاحق إن شخصا قتل وأصيب آخران الأربعاء، عندما سقطت قذائف على مرأب للسيارات في مركز تجاري في الجزء الشمالي من كييف.

وقال كليتشكو في تدوينة على الإنترنت “يواصل العدو إطلاق النار على العاصمة”.

وتنفي روسيا استهداف المدنيين.

النار والدخان

وشهدت مدينة ماريوبول الساحلية جنوبي أوكرانيا والمحاطة من كل الجهات بالقوات الروسية أسوأ تداعيات للحرب حيث يختبئ مئات الآلاف منذ أول أيام الهجوم تحت قصف متواصل من دون إمدادات من طعام أو ماء أو تدفئة.

وأظهرت صور جديدة التقطتها الأقمار الصناعية من شركة ماكسار التجارية ونشرت خلال الليل دمارا واسعا بالمدينة التي كان يسكنها قبل الحرب 400 ألف نسمة، مع تصاعد أعمدة الدخان من بنايات سكنية تحترق.

ورغم الخسائر التي تكبدتها حتى الآن، ربما لا تزال روسيا تأمل في تحقيق المزيد من المكاسب في أرض المعركة خاصة في الشرق، في مناطق تشمل ماريوبول التي تطالب موسكو أوكرانيا بالتنازل عنها لانفصاليين تدعمهم روسيا.

وقالت المخابرات العسكرية البريطانية إن ساحة المعركة بأكملها في أنحاء شمال أوكرانيا، الذي شهد صفوفا ضخمة من العربات المدرعة التي كانت متجهة صوب كييف، تتسم حاليا بالجمود وإن القوات الروسية تحاول فيما يبدو إعادة تنظيم صفوفها.

لكن في الشرق، يحاول الروس ربط القوات في ماريوبول بتلك القريبة في خاركيف ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا على أمل تطويق القوات الأوكرانية بينما يتجاوزون، في الجنوب الغربي، مدينة ميكولايف سعيا للتقدم صوب أوديسا أكبر موانئ أوكرانيا.

وتحدث مسؤولون أوكرانيون عن قصف بين الحين والآخر على مدن أخرى خلال الليل، مما أدى إلى مقتل اثنين من المدنيين في منطقة ميكولايف وتدمير جسر في منطقة تشيرنيهيف. ولم يتسن التحقق بعد من تلك التقارير.

إصلاحي اقتصادي

وفي موسكو، أكد الكرملين أن شوبيس، وهو من أبرز مساعدي بوتين، تقدم باستقالته.

وكان شوبيس أحد المخططين الرئيسيين للإصلاحات الاقتصادية في عهد بوريس يلتسن في التسعينيات وكان مدير بوتين في أول وظيفة له في الكرملين.

وشغل مناصب رفيعة سياسية وفي مجال الأعمال في عهد بوتين وكان أحدثها مبعوث الكرملين الخاص للمنظمات الدولية.

في غضون ذلك، قالت وكالة إنترفاكس للأنباء إن روسيا أبلغت واشنطن أنها ستطرد عددا من الدبلوماسيين الأميركيين ردا على قرار أميركي بطرد موظفين روس من بعثتها الدائمة لدى الأمم المتحدة.

إجلاء 4554 من عدة مدن الأربعاء

قال مسؤول أوكراني كبير إن 4554 شخصا تم إجلاؤهم من مدن أوكرانية عبر ممرات إنسانية الأربعاء، وهو ما يقل كثيرا عن من تمكنوا من الفرار في اليوم السابق.

وقال نائب مدير مكتب الرئيس الأوكراني كيريلو تيموشينكو في منشور على الانترنت إن 2912 شخصا غادروا مدينة ماريوبول المحاصرة في عربات خاصة.

وأضاف أن 9057 شخصا تمكنوا الثلاثاء، من الفرار من مناطق القتال بعدة مدن في أنحاء البلاد.

منشآت رعاية صحية

قالت منظمة الصحة العالمية إنها تحققت من 64 واقعة هجوم استهدفت منشآت رعاية صحية في أوكرانيا بين 24 شباط/فبراير و21 آذار/مارس أسفرت عن مقتل 15 وإصابة 37.

وأشارت المنظمة إلى أن ما يقرب من سبعة ملايين أوكراني نزحوا داخل البلاد على مدى شهر من الحرب، وأن واحدا من كل ثلاثة منهم يعاني من مرض مزمن.

وتتزايد الضغوط على العاملين بالقطاع الطبي والمتطوعين من أوكرانيا وخارجها للحفاظ على استمرارية عمل نظام الرعاية الصحية منذ بدء الهجوم الروسي.

وقالت المنظمة إن مرافق الرعاية الصحية والأطقم الطبية في أوكرانيا تواجه المزيد من الضغوط لعلاج الأمراض المزمنة بسبب قلة الأدوية المتاحة، مضيفة أنه من المعتقد أن نصف الصيدليات في البلاد أغلقت.

كما ذكرت المنظمة أن الحرب أثرت أيضا على حملات التطعيم ضد مرض كورونا وغيرها من حملات التطعيم الدورية في أوكرانيا.

وقالت إن 175 ألفا حصلوا على التطعيم بين 24 شباط/فبراير و15 آذار/مارس مقارنة مع 50 ألفا على الأقل يوميا قبل الهجوم الروسي.

شاهد أيضاً

المعارضة في كوريا الجنوبية تطالب بعزل الرئيس بعد محاولة فرض الأحكام العرفية

طالب الحزب الرئيسي المعارض في كوريا الجنوبية بعزل الرئيس يون سوك يول، بعد أن أعلن …