أوكرانيا تدرس مطلب الحياد قبل التفاوض
2022-03-28
أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأحد أن حكومته “تدرس بعمق” قضية “حياد” أوكرانيا التي تشكل أحد البنود المركزية في المفاوضات مع روسيا لإنهاء النزاع.
وأعلن زيلينسكي في مقابلة عبر الإنترنت مع وسائل إعلام روسية مستقلة بثت أيضا على قناة تلغرام التابعة لإدارة الرئاسة الأوكرانية، أن أحد بنود المفاوضات يتعلق بـ”الضمانات الأمنية والحياد، وضع دولتنا الخالية من الأسلحة النووية”، وهو مطلب من موسكو، مضيفا أن “هذا البند في المفاوضات مفهوم بالنسبة لي وهو قيد النقاش، تتم دراسته بعمق”.
لكنه حذر من أنه سيتعين عرضه على الاستفتاء وأن هناك حاجة إلى ضمانات، متهما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومحيطه بـ”المماطلة”.
وتقدر الأمم المتحدة أن أكثر من 10 ملايين أوكراني شردوا بسبب النزاع المدمر الذي بدأته موسكو قبل أكثر من شهر.
كانت موسكو أعلنت الجمعة أنها تريد تركيز هجومها على شرق أوكرانيا، وهو تغيير جعل كييف تخشى تقسيم البلاد مع دعوة الانفصاليين في لوغانسك إلى إجراء استفتاء على استقلال المنطقة.
وقال المفاوض الأوكراني دافيد أراخاميا الأحد إن الوفدين الروسي والأوكراني سيلتقيان “في تركيا” من أجل محادثات جديدة، مضيفا أن هذه الجولة مقررة “في الفترة من 28 إلى 30 آذار/مارس”.
من الجانب الروسي، أعلن كبير المفاوضين فلاديمير ميدينسكي أيضا عن إجراء حوار دبلوماسي جديد الثلاثاء والأربعاء، لكن بدون تحديد مكان الاجتماع.
وأعلنت الرئاسة التركية في بيان مساء الأحد أن الوفدين الروسي والأوكراني سيلتقيان في اسطنبول لإجراء الجولة الجديدة من المفاوضات المباشرة.
وكانت جولة مماثلة جرت في العاشر من آذار/مارس في مدينة أنطاليا التركية بين وزيري خارجية روسيا وأوكرانيا من دون أن تؤدي الى تقدم ملموس.
مذاك، استمرت المفاوضات عبر تقنية الفيديو ووصفها الجانبان بأنها “صعبة”.
وأحدثت القيادة الروسية مفاجأة الجمعة بإعلانها “تركيز الجزء الأكبر من الجهود على الهدف الرئيسي: تحرير دونباس”.
حتى ذلك الحين، قالت موسكو إن هدفها هو “نزع سلاح أوكرانيا واجتثاث النازية منها” ككل وليس فقط في هذه المنطقة الشرقية حيث توجد “جمهوريتان” انفصاليتان مواليتان لروسيا.
السيناريو الكوري؟
قدّر رئيس المخابرات العسكرية الأوكرانية كيريلو بودانوف الأحد أنه “بعد الفشل في الاستيلاء على كييف والإطاحة بالحكومة … هناك أسباب للاعتقاد بأنه يمكن أن يفرض خط فاصل بين المناطق المحتلة وغير المحتلة في بلادنا، في محاولة لإنشاء (نموذج) كوريا الجنوبية والشمالية في أوكرانيا”.
من جهته، أعلن زعيم منطقة لوغانسك الانفصالية في أوكرانيا ليونيد باسيشنك الأحد أن منطقته قد تنظّم “في المستقبل القريب” استفتاء على الانضمام إلى روسيا.
رد المتحدث باسم الخارجية الأوكرانية أوليغ نيكولينكو وقال في تصريحات مكتوبة لوكالة فرانس برس إن “الاستفتاءات الزائفة في الأراضي المحتلة موقتا جميعها لاغية وباطلة ولن تكون لها أي شرعية قانونية”.
ميدانيا، قالت كييف في اليوم الثاني والثلاثين من الحرب إنها تخشى تفاقم الوضع في ماريوبول (جنوب شرق) وفي الشرق.
ومحذرا من “تصعيد الكلام والأفعال” في أوكرانيا، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأحد إنه سيتحدث إلى بوتين الاثنين أو الثلاثاء لتنظيم عملية إجلاء من مدينة ماريوبول الاستراتيجية على بحر آزوف المحاصرة منذ أسابيع.
وسبق أن فشلت عدة محاولات لإنشاء ممرات آمنة لمغادرة المدنيين من المدينة، وتبادل الطرفان الاتهام بخرق وقف إطلاق النار.
وكتبت الرئاسة الأوكرانية عبر تويتر مساء الأحد “ماريوبول تحت وابل من القنابل”، وذكرت أيضا أن “القصف الصاروخي اشتد” في خاركيف (شرق) ولوتسك (شمال غرب) وريفني (شمال غرب) وجيتومير (وسط).
“تواصل مع بوتين”
في زيارته لوارسو السبت، هاجم الرئيس الأميركي جو بايدن نظيره الروسي بشدة، ووصفه بأنه “الجزار” معتبرا أنه “لا يستطيع البقاء في السلطة” بعد حربه في أوكرانيا.
تعليقا على تلك التصريحات، قال ماكرون لقناة “فرانس 3” الفرنسية “لن أستخدم هذا النوع من الكلام لأنني لا أزال على تواصل مع الرئيس بوتين”، وأعرب عن أمله في “وقف الحرب التي بدأتها روسيا في أوكرانيا”.
ردت موسكو على تصريحات بايدن بدعوته إلى أن يَزن كلامه، واعتبرت أن “الإهانات الشخصية” هي أفضل طريقة لتقويض العلاقات الثنائية المتدهورة أصلا بين روسيا و”الحكومة الأميركية الحالية”.
وسارع البيت الأبيض إلى توضيح تصريح بايدن، وقال إن “ما قصده الرئيس هو أنه لا يمكن السماح لبوتين بممارسة سلطة على جيرانه أو على المنطقة. لم يكن يتحدث عن حكم بوتين في روسيا ولا عن تغيير للنظام”.
“مساعدات إنسانية لأغراض دعائية”
منذ إعلان أهداف موسكو الجديدة في أوكرانيا، بدا أن سيطرة روسيا في تراجع بمناطق معينة من جنوب أوكرانيا.
في ميكولايف، استعاد السكان القليل من الأمل بعد أسابيع مروعة حاول خلالها الجيش الروسي دون جدوى السيطرة على المدينة الواقعة على الطريق المؤدي إلى أوديسا أكبر مدن أوكرانيا الساحلية، بحسب مراسلي وكالة فرانس برس.
وتتواصل الإنذارات بحصول قصف جوي، إلا أن الصفارات لم تُدوِّ كثيرا الأحد مع تزايد الحركة في الشوارع والأسواق وتشكل طوابير أمام أجهزة الصرف الآلي.
وتراجعت الجبهة بشكل كبير مع هجوم مضاد أوكراني على خيرسون، المدينة الرئيسية الوحيدة التي أعلن الجيش الروسي السيطرة الكاملة عليها، وهي تقع على بعد حوالي 80 كيلومترا جنوب شرق ميكولايف.
لكن من الصعب للغاية التحقق بشكل مستقل مما يحدث على أرض القتال.
على بعد حوالي 120 كم شمال شرق كييف في بلدة تشيرنيهيف المحاصرة من القوات الروسية والتي لا توجد بها ممرات إجلاء آمنة للمدنيين، اتهم الجيش الأوكراني القوات المعادية بتوزيع ما أسماه “مساعدات إنسانية لأغراض دعائية عبر وسائل الإعلام الروسية”.
قرب خاركيف، لقي سبعة أشخاص بينهم طفلان مصرعهم وأصيب خمسة خلال قصف مدفعي روسي على قرية أوسكيل، بحسب ما أعلن مكتب المدعي العام المحلي.
أوكرانيا “المعذبة”
في الأثناء، أعلنت وزارة الدفاع الأوكرانية استعادة السيطرة على بلدة تروستيانتس في شمال شرق البلاد.
ووفق السلطات الإقليمية الأوكرانية، سيطر الجيش الروسي على بلدة سلافوتيتش حيث يقيم موظفو محطة تشيرنوبيل للطاقة النووية، واعتقل رئيس البلدية فترة وجيزة. وخرجت فيها تظاهرات مؤيدة لأوكرانيا.
وأفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في بيان بأنه “لم تحصل مداورة للموظفين” منذ 20 آذار/مارس في موقع تشيرنوبيل. واعربت المنظمة عن القلق بشأن قدرة الموظفين الذين يديرون العمليات اليومية على العودة إلى ديارهم للاستراحة.
في روسيا، أشاد بوتين الأحد في خطاب عبر الفيديو بالحرس الوطني (روسغفارديا) الذي أنشأه قبل ست سنوات، خصوصا عناصره الذين يشاركون في “العملية العسكرية الخاصة على أراضي دونباس وأوكرانيا”.
وقال الرئيس الروسي “بلدنا الشاسع كله فخور حقا بكل واحد منكم”.
دبلوماسيا، دعا وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا إلى مقاطعة محلات السوبر ماركت الفرنسية “أوشان” التي اختارت مواصلة نشاطها في روسيا، وكذلك العلامات التجارية “لوروا ميرلان” و”ديكاتلون” التي تملكها المجموعة نفسها.
في روما، تضامن البابا فرنسيس مع أوكرانيا “المعذبة” وندد بالعدوان “الهمجي وتدنيس” البلاد.