تصاعد خطير في الابتزاز الجنسي للذكور في اميركا
2022-05-09
بعد أن كان التركيز خلال السنوات الماضية على الضحايا من الفتيات صغيرات السن، استفحلت الجرائم الإلكترونية مؤخرا لتستهدف أيضا الفتيان والشبان أيضا لابتزازهم جنسيا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بحسب تقرير مطول لشبكة “أن بي سي نيوز” الأميركية.
ويخدع المبتزون عبر الإنترنت الشباب والفتيان، لإرسال محتوى جنسي فاضح لهم عبر الإنترنت، وذلك من خلال التظاهر بأنهم شابات على منصات مثل فيسبوك وإنستغرام، ثم ابتزازهم مقابل المال.
لكن الخطير أن الكثير من هؤلاء الضحايا من الفتيان انتهى بهم المطاف منتحرين، بحسب ما قال ممثلون عن الشرطة، ومدافعون عن الأطفال.
وفي إشارة إلى مدى خطورة المشكلة، أصدر مكتب التحقيقات الفدرالي الميداني، في لوس أنجلوس، تحذيرا الشهر الماضي، موجهًا بشكل مباشر إلى آباء الشباب الذين قد يقعون ضحايا للمجرمين، الذين غالبا ما يعملون من دول أجنبية.
وجاء في التحذير أن “مكتب التحقيقات الفدرالي يتلقى عددا متزايدا من التقارير عن بالغين يتظاهرون بأنهم فتيات، ويحثون الشباب على إنتاج صور ومقاطع فيديو جنسية لهم، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ثم ابتزاز الأموال منهم”.
أحد هؤلاء الضحايا، رايان لاست البالغ من العمر 17 عاما، من ولاية كاليفورنيا، كان في عامه الأخير في المدرسة الثانوية، ويخطط للدراسة في جامعة ولاية واشنطن في الخريف، قبل أن يقدم على الانتحار في فبراير الماضي، بعد أن هدده أحد المبتزين بنشر صور مسيئة له على الإنترنت.
وقالت والدته، بولين ستيوارت، لـ”أن بي سي نيوز” إن ابنها “كان يعتقد أنه كان يتحدث إلى امرأة شابة، ثم فوجئ بأن هؤلاء المجرمين يطلبون منه 5 آلاف دولار، مما جعله يشعر بالذعر ويسرق أموالا من صندوق تمويل دراسته لدفع الأموال للمبتزين”.
وتضيف “بمجرد أن دفع لهم بعضا من هذه الأموال، ضغطوا عليه لإرسال المزيد، كان الأمر كثيرا بالنسبة له”، مضيفة أن “هذا الضغط والعار كانا سببا لفقدان ابنها”.
وتابعت أن “المجرمين لم يستسلموا، مما جعله يشعر أنه لا خيار أمامه سوى القيام بذلك (الانتحار) لحماية أسرته. لقد كان يحبنا كثيرا لدرجة أنه أراد أن يحمينا من الخطأ الذي ارتكبه”.
ويقول المحقق، جون بيرس، الذي حقق في عشرات حالات الابتزاز الجنسي في ولاية يوتا: “ضمن 6 حالات، أنهى شاب واحد على الأقل حياته منتحرا”، مضيفا “على الصعيد الوطني، هناك المئات إن لم يكن الآلاف من حالات الابتزاز، فضلا عن أن الكثير من الحالات لا يتم الإبلاغ عنها”.
إحدى الحالات التي عمل بيرس عليها تعود لشاب يبلغ من العمر 16 عاما، يدعى تيفان توبلر، من ولاية يوتا والذي مات منتحرا في سبتمبر 2017.
قال والداه مؤخرا أن ابنهما كان طالبا متفوقا، وبطلا في المصارعة في المدرسة الثانوية، وناشطا في الكنيسة.
في أيامه الأخيرة، تم استهدافه من قبل مبتز من كوت ديفوار، بحسب ما اكتشف المحقق بيرس بعد الاطلاع على سجلات الهاتف الخلوي لتوبلير.
وتوصل بيرس إلى أن المراهق تعرض للمطاردة من أجل المال من قبل شخص أرسل له أكثر من ألف رسالة، وفي بعض الحالات بمعدل متكرر كل 30 ثانية.
وقال بيرس: “في حالة تيفان، لم نتمكن من تأكيد منصة الاتصال الأصلية”.
لكنه أشار إلى أن “في معظم الحالات الأخرى، كان يتم ذلك من خلال فيسبوك أو إنستغرام أو غوغل”.
ويقول جون شيهان، من المركز الوطني للأطفال المفقودين والمستغلين: “في السنوات السابقة، كانت الضحية النموذجية لهذا النوع من الجرائم هي الفتيات الصغيرات، ولكن كان هناك تحول نحو الفتيان مؤخرا”، مضيفًا أنه رصد تصاعدا كبيرا في عدد هذه الحالات خلال الأشهر الستة الماضية.
وأضاف: “من النادر الحديث أو الاستماع لقصص الاستغلال الجنسي (الإلكتروني) للفتيان، لكن في الواقع، الأولاد معرضون بنفس القدر لهذه الجرائم وغالبا ما يتم إغراؤهم (..) لإنتاج محتوى جنسي صريح.”
ويوضح بيرس أن “الفتيان هدف سهل، لأن دفعهم على تبادل الصور الحميمة أكثر سهولة، ومن غير المرجح أن يخبروا أي شخص بما حدث لهم بدافع العار”.
ويعمل المبتزون في إطار مجموعات إجرامية متطورة تستهدف الفتيان، من خارج الولايات المتحدة، بحسب بيرس.
ويضيف: “هذا بالتأكيد مشروع إجرامي تشارك فيه منظمات توجد في دول ليس لدينا معها معاهدات لتسليم المجرمين”، مضيفا أنها “عملية معقدة للغاية، بحيث لا يمكن أن تكون عملية فردية”.
ومن بين تلك الدول نيجيريا والهند، وعلى وجه الخصوص كوت ديفوار التي لطالما كانت مركزا للجرائم الإلكترونية.
ولم ترد سفارة كوت ديفوار في واشنطن على طلبات الشبكة للتعليق والإدلاء بتصريح بشأن جهود البلاد لكبح هؤلاء المبتزين.
ويشير بحثا سريعا على الإنترنت إلى أن كوت ديفوار لا تزال ملاذًا آمنًا لمجرمي الإنترنت.
وحذر المجلس الاستشاري للأمن الخارجي، التابع لوزارة الخارجية الأميركية عام 2020، بأن”عمليات الاحتيال المالية والإلكترونية تنتشر في كوت ديفوار”.
وبينما لا يزال المحققون يعملون لتعقب مبتز ابنها الراحل، قالت ستيوارت إنها تدق ناقوس الخطر للمساعدة في إنقاذ الآخرين.
وتشارك ستيوارت، في ندوات من خلال برنامج فرقة العمل الخاصة بجرائم الإنترنت ضد الأطفال في وادي السيليكون حيث تقول: “يمكنني الاستلقاء على سريري والبكاء لساعات أو يمكنني فعل شيء لمنع حدوث ذلك لعائلة أخرى”.
وناشدت الآباء والأمهات: “دعوا أطفالكم يعرفون أنه مهما حدث، فإن الخطأ يعد خطأ ويمكنهم تجاوز ذلك”.