الانشقاقات داخل عائلة خامنئي تتوسع.. ومحكمة تقرر سجن ابنة شقيقته
2022-12-10
ردت طهران على انتقادات بدري حسيني خامنئي، شقيقة المرشد الأعلى في البلاد علي خامنئي، الخميس، بالحكم على ابنتها فريدة مرادخاني بالسجن 15 عاما.
ومع استمرار القمع الذي بلغ حد تنفيذ الإعدام، تتعالى أصوات معارضة حتى داخل عائلة خامنئي، إذ كشفت تصريحات أدلت بها شقيقته، بدري حسيني، الأربعاء، عن تصدعات كبيرة داخل النظام الإيراني.
وقالت شقيقة خامنئي في رسالة نشرها ابنها محمود مرادخاني “أنا أعارض أفعال أخي… أعبر عن تعاطفي مع جميع الأمهات اللائي صرن ثكالى على إثر جرائم نظام الجمهورية الإسلامية”، من عهد مؤسسه آية الله روح الله الخميني “إلى العصر الحالي للخلافة الاستبدادية لعلي خامنئي”.
والخميس أعلن المحامي الإيراني، محمد حسين أقاسي في تغريدة في تويتر أن موكلته فريدة مرادخاني، ابنه أخت خامنئي، حكمت عليها محكمة دينية “بالسجن 15 عاما”، مشيرا إلى أن المحكمة لم تقبل تمثيله لموكلته لأنه ليس من رجال الدين، ولكنها قبلت استئنافا تقدم به، ليتم خفض الحكم بالسجن ليصبح “3 سنوات”.
وكانت فريدة قد دعت في مقطع مصور قبل نحو أسبوعين “الناس حول العالم إلى حث حكوماتهم على قطع علاقاتها مع النظام الإيراني”.
وفريدة هي مهندسة مدنية، وناشطة تعمل في الدفاع عن حقوق المعتقلين الإيرانيين، وقد تعرضت هي نفسها للاعتقال مرتين على الأقل، آخرها كان في يناير الماضي بعد نشرها شعرا يتغنى بملكة إيران السابقة فرح بهلوي.
واعتبر معارضون أن هذه الانشقاقات داخل عائلة خامنئي ما هي إلا جزء قليل من حقيقة ما يحدث في الداخل الإيراني، إذ أن الأصوات المعارضة لطهران تتعالى، فيما يطال القمع والبطش كل من ينتقد ويتم ملاحقتهم لإسكاتهم إما بالاعتقال أو حتى بإصدار أحكام بالإعدامات عل بعضهم لترويع وإسكات الآخرين، بحسب قناة الحرة.
وتشتعل الاحتجاجات في إيران منذ وفاة مهسا أميني، الإيرانية من أصل كردي، عن 22 عاما في 16 سبتمبر بعد أن اعتقلتها شرطة الأخلاق بذريفة انتهاك قواعد اللباس الصارمة.
“انعطافة خطيرة” وتعتبر هذه الانشقاقات داخل عائلة خامنئي “ضربة كبيرة للنظام في طهران، وانعطافة خطيرة، ستعطي الاحتجاجات زخما قويا للاستمرار”، بحسب ما قال مدير المركز الأحوازي للإعلام والدراسات الاستراتيجية، حسن راضي.
وأضاف راضي وهو معارض إيراني مقيم في بريطانيا أن “طهران تريد توجيه رسالة هامة من الحكم على فريدة مرادخاني بالسجن 15 عاما بأنها لن تتهاون مع الانتقادات للنظام وأي دعم للاحتجاجات حتى لو كان من ضمن عائلات الرموز في البلاد”.
ويرى راضي أن “ما لا تفهمه طهران، هو أن استمرار الاحتجاجات وتلقيها مثل هذا الدعم من أفراد في عائلة خامنئي، يعني أن النظام أصبح معزولا أكان في الشارع أو حتى على مستوى الأقارب”.
وقالت بدري حسيني خامنئي في رسالتها الأربعاء: “قلقي كان وسيظل دائما تجاه الشعب وخاصة نساء إيران”، متهمة النظام بأنه “لا يجلب سوى المعاناة والقمع لإيران والإيرانيين” منذ تأسيسه في أعقاب الثورة الإسلامية عام 1979 التي أطاحت الشاه.
أمين عام الجبهة الديمقراطية الشعبية الأحوازية، صلاح أبو شريف الأحوازي قال إن “الرسائل من الانتقادات لمنشقين من داخل عائلة خامنئي تعني أن النظام القائم في طهران لا يمكن إصلاحه، وهذه ليست قناعة لدى الشعب فقط، بل أيضا من داخل عائلات رموز البلاد”.
وزاد : “طهران ومنذ بداية الاحتجاجات ملتزمة برسالة واحدة تجاه الشعب والمنتقدين، أنها ليست لديها أية حلول سلمية أو أي سبل للحوار”، معللا ذلك بأن “النظام الحاكم في طهران يرى نفسه نظاما إلهيا غير قابل للنقاش أو التعديل أو الإصلاح”.
ويرفض الأحوازي النظر إلى “حل شرطة الأخلاق على أنها بادرة لحل الأزمة في البلاد، معتبرا أن تأثيره لا يتجاوز الاستهلاك الإعلامي، فطهران تقول شيئا ولكنها تفعل شيئا آخر مختلفا تماما”.
وأكد تحليل نشرته مجلة ناشونال إنترست أن “إيران ليس لديها نية للإصلاح الحقيقي”، ولهذا على المجتمع الدولي “عدم الانخداع” بأي مما تقرره طهران، مشيرا إلى أن الشعب الإيراني “يرسل رسالة للعالم أن حكومته غير شرعية وأنهم يريدون تغيير النظام”.
واعتبر التحليل أن النظام في طهران “في حالة حرب مع شعبه”، وأن دعوات التغيير أكانت داخل إيران أو خارجها هي بالنهاية تدعو إلى “إصلاح ما لا يمكن إصلاحه”، وأن أقصى ما ستقدمه طهران “إعادة ترتيب بتقديم مبادرات إصلاحية وإعادة تدوير لأفكار غير علمية، وإعادة ترتيب لمسؤولي الأمن”.
“فرصة أمام المجتمع الدولي” وأكدت بدري حسيني خامنئي في رسالتها “أن شعب إيران يستحق الحرية والازدهار، وانتفاضته مشروعة وضرورية لنيل حقوقه. … أتمنى أن أرى انتصار الشعب وإسقاط الاستبداد الذي يحكم إيران قريبا”.
ودعت الحرس الثوري الإسلامي إلى “إلقاء أسلحته في أسرع وقت ممكن والانضمام إلى الشعب قبل فوات الآوان”.
ودعا راضي المجتمع الدولي إلى “الاستفادة من الفرصة الحالية للتدخل بشكل أكبر في الداخل الإيراني، لا سيما وأن النظام يلاحق شعبه بالاعتقالات والتعذيب والإعدام على الصعيد الداخلي، ناهيك عن دوره في تأجيج الأزمات والحروب أكان داخل الشرق الأوسط، أو حتى في الحرب الأوكرانية خاصة بعد ثبوت تزويده لروسيا بطائرات مسيرة”.
ويتفق الأحوازي مع ما هذا الرأي، مشيرا إلى أن “الشعب الإيراني يتوقع أن يتحرك المجتمع الدولي لدعمه والدفاع عنه، ليس بالتصريحات والتنديد فقط”. وقال إن أولى خطوات دعم الشعب الإيراني “قد تكون بسحب السفراء وطرد ممثلي طهران في المحافل الدولية”.
وكان محمود مرادخاني، قد قال في مقابلة سابقة من مقر إقامته في باريس إن الشعب الإيراني لم يعد يخاف وأن الاحترام الذي يحظى به رجال الدين في البلاد قد اختفى.
وأضاف أن “هذا النظام لا يمت للدين بصلة وهو يستمر في الأكاذيب دون توقف، لكن المثير للاهتمام هو أن الشعب لم يعد يخاف وسيستمر أمام القوات الأمنية … كما أن هناك أصواتا مناهضة من داخل النظام نفسه نأمل أن يكون لها تأثير للتغيير”.
والد محمود وفريدة، علي مرادخاني، قيادي سابق في النظام الإيراني، وهو كاتب وخطيب إيراني معروف أيد الثورة الخمينية عام 1979، ومثل محافظة خراسان في مجلس خبراء الدستور قبل أن يغير موقفه ويبدأ بتوجيه الانتقادات لرجالاتها منتصف الثمانينيات.
وهرب علي مرادخاني وعائلته، وبضمنهم زوجته، شقيقة خامنئي، بدرية، إلى العراق في ذروة الحرب بين البلدين بعد أن أمضى أشهرا في السجن بمدينة مشهد، إلا أنه عاد إلى إيران عام 1995 فحكم عليه بالسجن لمدة 20 عاما، قبل أن يطلق سراحه عام 2005.
وقال رجل دين سني معارض، الجمعة، إن حكم الإعدام الصادر على أحد المتظاهرين في الاحتجاجات الإيرانية الأخيرة المناهضة للحكومة يخالف الشريعة الإسلامية، فيما توعد الرئيس إبراهيم رئيسي بالمضي قدما في حملة أمنية بعد يوم من إعدام الرجل، بحسب تقرير بثته وكالة رويترز.
وأعدمت إيران الخميس محسن شكاري الذي أدين بطعن حارس أمن بسكين وإغلاق أحد شوارع طهران، في أول إعدام من نوعه بعد آلاف الاعتقالات المتعلقة بالاضطرابات، وهو ما أثار موجة من الإدانات الغربية.
ونقلت وسائل إعلام رسمية عن رئيسي قوله في حفل تأبين أفراد الأمن الذين قتلوا أثناء الاحتجاجات إن “تحديد هوية المتسببين في استشهاد القوات الأمنية ومحاكمتهم ومعاقبتهم سيتواصل بعزم”.
وانتقد مولوي عبد الحميد، وهو رجل دين سني يقيم في إيران التي يحكمها الشيعة، حكم الإعدام على موقعه الإلكتروني.
وقال عبد الحميد “عندما لا يتورط الشخص في عملية قتل، ويكون كل ما فعله هو غلق الطريق وطعن أحد أفراد ميليشيا الباسيج بسكين وإصابته فإنه لا يتوجب إعدامه بموجب الشريعة”.
وقال مخاطبا السلطات “انصتوا إلى هذه الاحتجاجات وتفاوضوا مع الشعب الإيراني. فإن ضرب هذه الأمة وقتلها وإعدامها ليس بالصواب. لن تقمع هذه الاحتجاجات بقتل الناس”.
وقالت منظمة العفو الدولية إن السلطات الإيرانية تسعى إلى تنفيذ عقوبة الإعدام على 21 شخصا على الأقل فيما وصفته بأنه “محاكمات صورية تهدف إلى ترهيب المشاركين في الانتفاضة الشعبية التي هزت إيران”.
وترفض وزارة الخارجية الإيرانية الانتقادات الغربية لانتهاكات حقوق الإنسان خلال الحملة، ووصفتها بأنها تدخل في الشؤون الداخلية لإيران وانتهاك للقانون الدولي.
وقال ناصر الكناني، الناطق باسم الوزارة الإيرانية، في بيان نقلته وسائل الإعلام الرسمية “تحت شعار دعم حقوق الإنسان أو حقوق المرأة، تحرض (الدول الغربية) وتحض على العنف ضد سلامة الأمة والأمن القومي لإيران”.